وأجلسه إلى جنبه - وكان له حبيبا ووليا - وأخذ يسائله عن الناس، إلى أن سأله عن أبي موسى الأشعري فقال: والله! ما أنا أثق به، وما آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك!!
فقال له أمير المؤمنين: والله! ما كان عندي مؤتمنا ولا ناصحا، ولقد كان الذين تقدموني استولوا على مودته وولوه وسلطوه بالإمرة على الناس، (١) ولقد أردت عزله فسألني الأشتر فيه وأن أقره، فأقررته على كره مني له، وتحملت على صرفه من بعد.
قال: فهو مع عبد الله في هذا ونحوه إذ أقبل سواد كبير من قبل جبال طي، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): انظروا ما هذا السواد؟ فذهبت الخيل تركض فلم تلبث أن رجعت فقيل: هذه طي قد جاءتك تسوق الغنم والإبل والخيل، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزى الله طيا خيرا، ﴿وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما﴾ (2)، فلما انتهوا إليه سلموا عليه.
قال عبد الله بن خليفة: فسرني والله! ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم، وتكلموا فأقروا، والله! ما رأيت بعيني خطيبا أبلغ من خطيبهم.
وقام عدي بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني كنت أسلمت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأديت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردة من بعده، أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك وخالفوا عليك ظالمين فأتيناك، لننصرك بالحق،