قال: فنظر إليه عمرو بن حريث وكأنما الرمان يفقأ في وجهه! فلما رأى ذلك عمرو قال: يا أمير المؤمنين! إني إنما أردت أن أكفله إذ ظننت أنك تحب ذلك، فأما إذ كرهته فإني لست أفعل.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أبعد أربع شهادات بالله؟!! لتكفلنه وأنت صاغر، فصعد أمير المؤمنين (عليه السلام) المنبر فقال: يا قنبر! ناد في الناس الصلاة جامعة، فنادى قنبر في الناس، واجتمعوا حتى غص المسجد بأهله، وقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس! إن إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحد إن شاء الله، فعزم عليكم أمير المؤمنين إلا خرجتم وأنتم متنكرون ومعكم أصحابكم، لا يتعرف منكم أحد إلى أحد حتى تنصرفوا إلى منازلكم إن شاء الله.
قال: ثم نزل، فلما أصبح الناس بكرة خرج بالمرأة وخرج الناس متنكرين، متلثمين بعمائمهم وبأرديتهم والحجارة في أرديتهم وفي أكمامهم، حتى انتهى بها والناس معه إلى ظهر الكوفة، فأمر أن يحفر لها حفيرة، ثم دفنها فيها، ثم ركب بغلته وأثبت رجله في غرز الركاب، ثم وضع أصبعيه السبابتين في أذنيه، ثم نادى بأعلى صوته: يا أيها الناس! إن الله تعالى عهد إلى رسوله (صلى الله عليه وآله) عهدا عهده محمد (صلى الله عليه وآله) إلي بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد، فمن كان لله عليه حد مثل ما له عليها فلا يقيم عليها الحد.
قال: فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام)، فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحد يومئذ وما معهم غيرهم. (1)