بين يديه حتى اجتمع إليه أصحابه فقبض قبضة قبضة وجعل يعطي رجلا رجلا، حتى لم يبق معه درهم واحد، فلما أتى المنزل قالت له فاطمة (عليهما السلام): يا بن عم! بعت الحائط الذي غرسه لك والدي؟
قال: نعم، بخير منه عاجلا وآجلا.
قالت: فأين الثمن؟
قال: دفعته إلى أعين، استحييت أن أذلها بذل المسألة قبل أن تسألني.
قالت فاطمة: أنا جائعة وابناي جائعان، ولا أشك إلا وأنك مثلنا في الجوع، لم يكن لنا منه درهم، وأخذت بطرف ثوب علي (عليه السلام)، فقال علي: يا فاطمة خليني.
فقالت: لا والله! أو يحكم بيني وبينك أبي (1). فهبط جبرائيل على رسول الله فقال:
يا محمد! الله يقرئك السلام ويقول: إقرأ عليا مني السلام وقل لفاطمة: ليس لك أن تضربي على يديه ولا تلزمي بثوبه، فلما أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزل علي (عليه السلام) وجد فاطمة ملازمة لعلي، فقال لها: يا بنية! ما لك ملازمة لعلي؟
قالت: يا أبه! باع الحائط الذي غرسته له باثني عشر ألف درهم، ولم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما.
فقال: يا بنية! إن جبرائيل يقرئني من ربي السلام ويقول: إقرأ عليا من ربه السلام وأمرني أن أقول لك ليس لك أن تضربي على يديه، ولا تلزمي بثوبه.
قالت فاطمة: فإني أستغفر الله ولا أعود أبدا. قالت فاطمة (عليهما السلام): فخرج أبي (صلى الله عليه وآله) في ناحية وزوجي علي في ناحية، فما لبث أن أتى أبي (صلى الله عليه وآله) ومعه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: يا فاطمة! أين ابن عمي؟ فقلت له: خرج.