____________________
بالبيع فقط، وشهدت بينة الإيداع بكونه قد أودع ملكه في تأريخ متأخر. عن تأريخ البيع فتكون البينتان معا مؤرختين، فنؤرخ بينة البيع بيوم الجمعة الفلاني وبينة الإيداع بيوم السبت الذي هو بعده، فقد قيل: تقدم بينة الإيداع والقائل بذلك هو الشيخ رحمه الله في المبسوط (1)، ووجهه: انفرادها بذكر الملك فلا يحتمل أن يكون المودع غير مملوك، ويمكن أن يكون البيع لغير المملوك فإطلاقه أضعف من الوديعة المقيدة بصدورها عن المالك، وفيه نظر فإن هذا إنما يستقيم إذا كان المودع غير من شهدت البينة الأخرى بكونه بائعا، فإنه إذا كان واحدا كان مالكا لا محالة فلا يجئ احتمال بيعه ما ليس بمالك له، فلا يستقيم ما ذكره على إطلاقه، إنما يستقيم إذا أسندت كل واحدة منهما ما شهدت به إلى غير ما أسندت إليه الأخرى.
قد يقال على النظر: إن البائع والمودع وإن اتحد فإن الاحتمال بحاله في هذه الصورة، لإمكان أن يبيع وهو غير مالك ثم يملك فيودع، فإذا تحقق ذلك يكاتب المودع وهو من ادعى صاحب اليد أنه أودعه وشهدت البينة بإيداعه - ملكه بالصورة، لأن اليد له حينئذ بزعم المدعى عليه وبينته، فإن صدق فلا شفعة ويكون بمنزلة ما لو شهدت إحدى البينتين لواحد بالملك والأخرى بالتصرف فإن الملك أقوى، وإلا - أي: وإن لم يصدق ذلك - حكم للشفيع، لانتفاء حقه بتكذيب بينته فتسقط فتبقى بينة الشفيع بغير معارض فيجب العمل بها.
فإن قيل: إن الشراء المشهود به قد نزل على الأعم من الشراء من المالك، فكيف يعمل بها بعد التكذيب قلنا: كان الحمل على خلاف الظاهر، لوجود المعارض الذي لا يقبل خلاف الظاهر.
قد يقال على النظر: إن البائع والمودع وإن اتحد فإن الاحتمال بحاله في هذه الصورة، لإمكان أن يبيع وهو غير مالك ثم يملك فيودع، فإذا تحقق ذلك يكاتب المودع وهو من ادعى صاحب اليد أنه أودعه وشهدت البينة بإيداعه - ملكه بالصورة، لأن اليد له حينئذ بزعم المدعى عليه وبينته، فإن صدق فلا شفعة ويكون بمنزلة ما لو شهدت إحدى البينتين لواحد بالملك والأخرى بالتصرف فإن الملك أقوى، وإلا - أي: وإن لم يصدق ذلك - حكم للشفيع، لانتفاء حقه بتكذيب بينته فتسقط فتبقى بينة الشفيع بغير معارض فيجب العمل بها.
فإن قيل: إن الشراء المشهود به قد نزل على الأعم من الشراء من المالك، فكيف يعمل بها بعد التكذيب قلنا: كان الحمل على خلاف الظاهر، لوجود المعارض الذي لا يقبل خلاف الظاهر.