شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين - ابن ميثم البحراني - الصفحة ٤٠
فيه مبتهجا بأعلى اللذات الا انه مع ذلك مبتهج بنفسه لما فيها من اثر الحق فله مع نظره إلى الحق نظر آخر إلى نفسه فهو بعد واقف دون مقام الاخلاص فإذا غاب عن نفسه (1) يلحظ الجناب المقدس (2) فقط وان لحظ نفسه فبالعرض من حيث هي لاحظة للحق لامن حيث هي متزينة بزينة الحق فهناك يتحقق الوصول، وفى كلمات محققي أهل الطريقة (3):
ما رأينا شيئا الا ورأينا الله بعده، فلما ترقوا قالوا: ما رأينا شيئا الا ورأينا الله فيه، فلما ترقوا قالوا: ما رأينا شيئا الا ورأينا الله قبله، فلما ترقوا قالوا:
ما رأينا شيئا سوى الله، والكلمة (4) الأولى إشارة إلى مقام الاعتبار مع قصده، والثانية إشارة إلى مقام حصول تلك البروق غير متوقفة على مشيته، والثالثة إشارة إلى مقام النيل مع ملاحظة النفس من حيث هي مبتهجة بزينة الحق فان الشبح الذي في المرآة هو المرئي قبلها، والرابعة إشارة إلى مقام الفناء وهو ملاحظة الحق الأول مع الغيبة عن النفس، وقد جمعوا أيضا مراتب السلوك ومقامات الوصول في كلمة أخرى فقالوا: السفر سفران، سفر إلى الله، وسفر في الله، والأول إشارة إلى انتقالات النفس في مراتب السلوك، والثاني إشارة إلى انتقالها في درجات الوصول، والله ولى التوفيق.

(1) - عبارة ابن سيناء هكذا (في النمط التاسع من كتاب الإشارات): " ثم إنه ليغيب عن نفسه فيلحظ جناب القدس فقط وان لحظ نفسه فمن حيث هي لاحظة لامن حيث هي بزينتها وهناك يحق الوصول ".
(2) - ا: " القدس " والشارح قد يعبر في كتبه بتعبير " جناب القدس " وقد يعبر بتعبير " الجناب المقدس ".
(3) - قال الشارح (ره) في شرح نهج البلاغة ضمن ذكر معنى الظهور عند شرح قول أمير المؤمنين (ع): " وكل ظاهر غيره باطن " ما نصه (ص 180 من الطبعة الأولى): " كما أشار إليه بعض مجردي السالكين: ما رأينا شيئا (فساق الكلام إلى آخره فقال) والأولى مرتبة الفكر والاستدلال عليه، والثانية مرتبة الحدس، والثالثة مرتبة المستدلين به لا عليه، والرابعة مرتبة الفناء في ساحل عزته ".
(4) - في النسخ " والآية ".
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست