3 - أن تكون بيانية وهذا الاحتمال ضعيف لعدم كون الضمير الواقع بعدها بيانا لشئ، فيبقى الاحتمالان الأولان، وحمل الحديث على كل منهما جائز وإن كان الأول أظهر لأن الغالب في معنى (من) هو التبعيض ولا أقل من أنها أشهر واعرف من كونها بمعنى الباء.
ولكن يبقى الكلام في أن المراد التبعيض بحسب الافراد والاجزاء، يعنى فأتوا من افراده ومصاديقه ما استطعتم، أو من اجزائه ما استطعتم، ومن الواضح ان دلالته على المطلوب إنما تتم لو كان التبعيض بحسب الاجزاء لا الافراد.
ولكن الذي يبعد هذا الاحتمال شأن ورود الحديث وما عرفت من مسألة الحج المروية في كتبهم بعبارات مختلفة كلها ترمى إلى شئ واحد وهو انه صلى الله عليه وآله قالها عند السؤال عن تكرار الحج أو الاتيان به مرة واحدة مدة العمر وهو صريح في أن المراد منه التبعيض بحسب الافراد لا الاجزاء.
فالاستدلال بالحديث على دلالة الامر على التكرار في قبال القول بدلالته على المرة أو عدم الدلالة على شئ أولى من الاستدلال به على قاعدة الميسور - كما ذكره في الفصول - وإن كان فيه أيضا ما لا يخفى كما سيأتي.
هذا مضافا إلى أن الاتيان بالحج مكررا بمقدار الاستطاعة ليس واجبا باجماع الأمة بلا خلاف من أحد، فالامر في الحديث محمول على الاستحباب، وهذا اشكال آخر عليه.
والحاصل ان التمسك به ممنوع من وجهين، من جهة ظهوره بقرينة المورد في التبعيض الافرادي - وهو خلاف المطلوب - ومن جهة ظهوره