وأمارية الاقرار لاثبات ما أقربه إن كان على ضرره ربما كان أقوى من البينة على ثبوت ما أقر به، لان العاقل لا يقدم على الاضرار بنفسه، فلا بد وأن يكون الاقرار على نفسه للفرار عن المفاسد المترتبة على مخالفة الواقع، فإذا لم يعلم بكذبه - من جهة العلم بأن إقراره لدواعي أخر غير بيان الواقع والاخبار عنه - لابد وأن يحمل على أنه بصدد بيان الواقع.
وعلى كل حال حجية الاقرار - وأنه طريق إلى إثبات ما أقربه - أمر مفروغ عنه فيما إذا كان على ضرره، وعليها بناء العقلاء في مقام القضاء، حتى إنهم يرون الاقرار من نفس الجناة أقوى دليل على صدور الجناية منه.
وخلاصة الكلام في المقام: أن الاقرار بكون هذه المرأة المعلومة إحدى محارمي من أم أو أخت أو بنت أو غيرها تارة يلاحظ بالنسبة إلى عمل نفس المقر مع تلك المرأة فلا أثر لاقراره أصلا، بل العمل تابع لما هو الواقع، فإن أحرز بمحرز وجداني أو تعبدي - وبعبارة أخرى: قام عنده حجة على ثبوت ما أقربه - يعمل على طبقها، وإلا يكون من قبيل الشك في الموضوع، فيجري أصالة الحل إلا في مواضع المستثناة التي حكم الشرع فيها بالاحتياط، كما هو المعروف في باب الفروج والدماء بل قد يقال في الأموال أيضا.
هذا فيما إذا لم يعلم بخلاف ما أقربه، وإلا فواضح لزوم العمل على طبق علمه.
وعلى كل حال لا أثر لاقراره بالنسبة إلى عمل نفسه، فإذا أقر بان هذه المرأة التي تحته وزوجته إحدى محارمه أما رضاعيا مثلا وهو يعلم بأنه ليس كذلك، أو قام عنده حجة على أنه ليس كذلك مع كونه شاكا فيجب ترتيب آثار الزوجية، من لزوم إعطاء مهرها، ويجب عليه نفقتها وسائر الآثار المذكورة في محلها.