الشاهدين اجتهادا أو تقليدا ولا يكون رضاعا عند الحاكم، فلو حكم على طبق شهادتهما فقد حكم على خلاف معتقده واجتهاده.
وبطلان هذا معلوم، لان جعل الحاكم لأجل الحكم على طبق ما استنبطه من الأدلة، ولذلك قال عليه السلام: (انظروا إلى رجل منكم روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما) إلى أن يقوله عليه السلام: (فإذا حكم بحكمنا فالراد عليه) كذا وكذا إلى آخره (1). فلا بد للحاكم أن يحرز بمحرز وجداني أو تعبدي أن ما يحكم به يكون حكمهم عليه السلام كي يكون الرد عليه حراما، والمفروض فيما نحن فيه أنه ليس في المقام محرز وجداني ولا تعبدي على أن المشهود به هو الرضاع المحرم ولو صرح بأنه رضاع محرم، إذ الرضاع المحرم مختلف عند الفقهاء من حيث الكمية والكيفية.
ولا يمكن أن يدعى أن لفظ للرضاع المطلق أو الرضاع المحرم ظاهر في الرضاع الذي جعله الشارع موضوعا للحرمة، فبعد الفراغ عن حجية البينة وحجية الظواهر كلام الشاهدين يكون محرزا تعبديا لموضوع الحرمة أعني ما جعله الشارع محرما.
وذلك من جهة أن حجية الظواهر من جهة بناء العقلاء على إرادة ما هو ظاهر اللفظ منه في مقام التفهيم والتفهم. وهذا فيما إذا كان المعنى الذي هو ظاهر اللفظ معلوما عندهم. وأما لو كان معنى اللفظ مختلفا عند المتكلم والمستمع، ومعلوم أن الظاهر من اللفظ حينئذ أن المراد هو الذي يكون معنى اللفظ عنده أي المتكلم، فلو كان ما هو المعنى عنده - أي المتكلم - معلوما فيحمل عليه.
وأما إذا لم يكن ما هو معنى اللفظ عنده معلوما كما فيما نحن فيه، فيصير مجملا