بل لا يخلو من غرابة، وذلك من جهة أن الشارع لم يحكم ببقاء المهر في ظرف سقوط الزوجية وذهابها كي يكون هذا الحكم المجعول ضرريا، بل الشارع حكم بأن الزوجية بدون المهر لا يمكن، وأيضا حكم أن مهر المسمى به في العقد يدخل في ملك الزوجة، وأيضا حكم ببقاء الملكية لمالكه ولا يخرج إلا بناقل شرعي، فإذا جاء دليل وناقل شرعي على خروج المهر تماما أو بعضه عن ملك الزوجة فهو كما أنه في الطلاق قبل الدخول جاء الدليل على خروج نصف المهر عن ملكها ورجوعه إلى الزوج، وأيضا في ارتداد الزوجة برجوع الجميع، فهذه الأحكام الثلاثة - أي: حكمه بلزوم المهر، وحكمه بدخول المهر في ملك الزوجة بمحض العقد، وحكمه ببقاء كل مال في ملك مالكه وعدم خروجه عنه إلا بناقل شرعي، أو جاء دليل على سقوط ملكيته - ليس واحد منها ضرريا كي يرتفع بقاعدة لا ضرر.
وأما القول: بأن هذه الخسارة وقعت بفعلها - أي الكبيرة لأنها أرضعت أي إذا كان حصول الرضاع بفعل الكبيرة بغير أمر الزوج، بل بدون رضاه، أو بفعل الصغيرة كما إذا ارتضعت من قبل نفسها أي إذا كان حصول الرضاع بفعل الرضيعة من دون مدخلية الكبيرة، كما إذا كانت الكبيرة نائمة وهي سعت إليها وارتضعت، فيجب أن تغرم للزوج الكبيرة أو الصغيرة. وبعبارة أخرى: التي سببت حصول الرضاع المحرم، سواء أكانت الغرامة مساوية للمهر أو أكثر أو انقص هي إحديهما.
ففيه أولا: أن هذا غير سقوط المهر وعدمه الذي هو الآن محل الكلام.
وثانيا: ليس كل إضرار يتدارك بالمال، بل لا بد أن ينطبق عليه أحد أسباب الضمان، من الاتلاف أو يد العادية أو غير ذلك من أسبابه. وفيما نحن فيه إرضاع الكبيرة أو ارتضاع الصغيرة - بدون مدخلية الكبيرة - لا يوجب تلف مال كي يكون ضامنا لذلك التالف، لان الزوجية ليست من الأموال، والبضع وإن كان في بعض الموارد يقابل بالمال، ولكن مع ذلك ليس من الأموال كي يكون تفويته موجبا للضمان.