بينهما، قال: فرده، رواه أبو داود. وفي لفظ مسلم: أن النبي (ص) أمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده. ثم قال لهم: الذهب بالذهب وزنا بوزن. وللأصحاب في توجيه البطلان مأخذان. أحدهما: وهو مأخذ القاضي وأصحابه أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفي القيمة انقسم الثمن على قدر قيمتهما. كما لو اشترى شقصا وسيفا. فإن الشفيع يأخذ الشقص بقسطه منه، وهذا يؤدي هنا إما إلى العلم بالتفاضل، أو إلى الجهل بالتساوي، وكلاهما يبطل العقد. فإنه إذا باع درهما ومدا يساوي درهمين بمدين يساويان ثلاثة دراهم، كان الدرهم في مقابلة ثلثي مد. ويبقى مد في مقابلة مد وثلث، وذلك ربا. فلو فرض التساوي كمد يساوي درهما ودرهم بمد يساوي درهما ودرهم، لم يجز. لأن التقويم ظن وتخمين، فلا يتحقق معه المساواة. والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل. وضعف هذه الطريقة ابن رجب، قال: لأن التقسيم هو قسمة الثمن على قيمة المثمن، لا أجزاء أحدهما على قيمة الآخر. والمأخذ الثاني: سد ذريعة الربا لئلا يتخذ ذلك حيلة على الربا الصريح، كبيع مائة درهم في كيس بمائتين، جعلا للمائة في مقابلة الكيس، وقد لا يساوي درهما.
وفي كلام الامام إيماء إلى هذا المأخذ. (ولو دفع إليه) أي إلى آخر (درهما وقال: أعطني) بنصف هذا الدرهم نصف درهم وبنصفه الآخر فلوسا، أو حاجة كخبز ونحوه جاز. (أو) دفع إليه درهما وقال: أعطني (بالدرهم نصفا وفلوسا ونحوه) كما لو دفع درهمين وقال: أعطني بأحدهما لحما وبالآخر نصفين ففعل (جاز)، وصح (كما لو دفع إليه درهمين وقال: أعطني بهذا الدرهم فلوسا. وبالآخر نصفين) وفعل، فإنه يجوز لوجود التساوي. ولان ذلك بمنزلة عقدين، أحدهما: (صرف نصف) الدرهم أو صرف الدرهم بنصفين، والآخر: بيع الفلوس أو الحاجة بالنصف أو الدرهم الآخر. فليس من مسألة مد عجوة (وإن باع نوعي جنس) بنوع منه أو نوعين جاز، كتمر معقلي وإبراهيمي ببرني، أو ببرني وصيحاني مثلا بمثل يدا بيد، (أو) باع (نوعا بنوع منه) أي من جنس واحد (أو) باع نوعا ب (- نوعين) من جنس كدينار قراضة. وهي قطع ذهب أو فضة بدينار صحيح، (أو) باع (قراضة وصحيحا بصحيحين أو بقراضتين، أو حنطة حمراء وسمراء ببيضاء أو تمرا برنيا ومعقليا بإبراهيمي ونحوه صح)