سبع عشرة مسألة حررتها في رسالة، وينبغي أن يكون هذا عند عدم ذكر أهل المتون للتصحيح، وإلا فالحكم بما في المتون كما لا يخفى، لأنها صارت متواترة اه. وإذا كان في مسألة قياس واستحسان فالعمل على الاستحسان إلا في مسائل معدودة مشهورة.
وفي باب قضاء الفوائت من البحر: المسألة إذا لم تذكر في ظاهر الرواية وثبتت في رواية أخرى تعين المصير إليها اه. وفي آخر المستصفى للامام النسفي: إذا ذكر في المسألة ثلاثة أقوال فالراجح هو الأول أو الأخير لا الواسط اه. وفي شرح المنية: ولا ينبغي أن يعدل عن الدراية إذا وافقتها رواية اه. ذكره في واجبات الصلاة في معرض ترجيح رواية وجوب الرفع من الركوع والسجود للأدلة الواردة مع أنها خلاف الرواية المشهورة عن الامام. قوله: (وفي وقف البحر إلى آخره) وهذا محمول على ما إذا لم يكن لفظ التصحيح في أحدهما آكد من الاخر كما أفاده ح. أي، فلا يخير بل يتبع الآكد كما سيأتي.
أقول: وينبغي تقييد التخيير أيضا بما إذا لم يكن أحد القولين في المتون لما قدمناه آنفا عن البيري، ولما في قضاء الفوائت من البحر، من أنه إذا اختلف التصحيح والفتوى فالعمل بما وافق المتون أولى اه. وكذا لو كان أحدهما في الشروح والاخر في الفتاوى لما صرحوا به من أن ما في المتون مقدم على ما في الشروح، وما في الشروح مقدم على ما في الفتاوى، لكن هذا عند التصريح بتصحيح كل من القولين أو عدم التصريح أصلا. أما لو ذكرت مسألة المتون لم يصرحوا بتصحيحها بل صرحوا بتصحيح مقابلها، فقد أفاد العلامة قاسم ترجيح الثاني لأنه تصحيح صريح وما في المتون تصحيح التزامي، والتصحيح الصريح مقدم على التصحيح الالتزامي: أي التزام المتون ذكر ما هو الصحيح في المذهب، وكذا لا تخيير لو كان أحدهما قول الإمام والاخر قول غيره، لأنه لما تعارض التصحيحان تساقطا، فرجعنا إلى الأصل وهو تقديم قول الإمام، بل في شهادات الفتاوى الخيرية. المقرر عندنا أنه لا يفتى ويعمل إلا بقول الإمام الأعظم، ولا يعدل عنه إلى قولهما أو قول أحدهما أو غيرهما إلا لضرورة كمسألة المزارعة وإن صرح المشايخ بأن الفتوى على قولهما لأنه صاحب المذهب والامام المقدم اه. ومثله في البحر عند الكلام على أوقات الصلاة، وفيه من كتاب القضاء: يحل الافتاء بقول الإمام، بل يجب وإن لم يعلم من أين قال. اه.
وكذا لو عللوا أحدهما دون الاخر كان التعليق ترجيحا للعمل كما أفاده الرملي في فتاواه من كتاب الغصب. كذا لو كان أحدهما استحسانا والاخر قياسا: لان الأصل تقديم الاستحسان إلا فيما استثني كما قدمناه فيرجع إليه عند التعارض. وكذا لو كان أحدهما ظاهر الرواية وبه صرح في كتاب الرضاع من البحر حيث قال: الفتوى إذا اختلف كان الترجيح لظاهر الرواية، وفيه من باب المصرف: إذا اختلف التصحيح وجب الفحص عن ظاهر الرواية والرجوع إليها. وكذا لو كان أحدهما أنفع للوقف، لما سيأتي في الوقف والإجارات أنه يفتى بكل ما هو أنفع للوقف فيما اختلف العلماء فيه. وكذا لو كان أحدهما الأكثرين، لما قدمناه عن الحاوي.
والحاصل، أنه إذا كان لاحد القولين مرجع على الاخر ثم صحح المشايخ كلا من القولين ينبغي أن يكون المأخوذ به ما كان له مرجح لان ذلك لم يزل بعد التصحيح، فيبقى فيه