فرض عين عند بعض مشايخنا كما نقله الزيلعي وغيره، أو على القول بأنها فرض كفاية كما نقله في القنية عن الطحاوي والكرخي وجماعة، فإذا تركها الكل مرة بلا عذر أثموا، فتأمل. قوله: (فشرط) بناء على القول بوجوب العيد، أما على القول بسنيتها فتسن الجماعة فيها كما في الحلية والبحر، ثم قال في البحر: ولا يخفى أن الجماعة شرط الصحة على كل من القولين ا ه. أي شرط لصحة وقوعها واجبة أو سنة، فافهم. قوله: (سنة كفاية) أي على كل أهل محلة، لما في منية المصلي من بحث التراويح، من أن إقامتها بالجماعة سنة على سبيل الكفاية، حتى لو ترك أهل محلة كلهم الجماعة فقد تركوا السنة وأساؤوا في ذلك، وإن تخلف من أفراد الناس وصلى في بيته فقد ترك الفضيلة ا ه. قوله:
(على قول) وغير مستحبة على قول آخر، بل يصليها وحده في بيته، وهما قولان مصححان، وسيأتي قبيل إدراك الفريضة ترجيح الثاني بأنه المذهب. قوله: (وفي وتر غيره الخ) كراهة الجماعة فيه هو المشهور، وذكره القدوري في مختصره، وذكر في غيره عدم الكراهة، ووفق في الحلية بحمل الأول على المواظبة والثاني على الفعل أحيانا، وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى. قوله: (على سبيل التداعي) بأن يقتدي أربعة فأكثر بواحد. قوله: (وسنحققه) أي قبيل إدراك الفريضة.
تتمة: قال في الحلية: وأما الجماعة في صلاة الخسوف فظاهر كلام الجم الغفير من أهل المذهب كراهتها. وفي شرح الزاهدي: وقيل جائزة عندنا لكنها ليست بسنة ا ه.
مطلب في تكرار الجماعة في المسجد قوله: (ويكره) أي تحريما لقول الكافي لا يجوز، والمجمع لا يباح، وشرح الجامع الصغير إنه بدعة كما في رسالة السندي. قوله: (بأذان وإقامة الخ) عبارته في الخزائن أجمع مما هنا، ونصها:
يكره تكرار الجماعة في مسجد محلة بأذان وإقامة، إلا إذا صلى بهما فيه أو لا غير أهله أو أهله لكن بمخافتة الاذان، ولو كرر أهله بدونهما أو كان مسجد طريق جاز إجماعا، كما في مسجد ليس له إمام ولا مؤذن ويصلي الناس فيه فوجا فوجا، فإن الأفضل أن يصلي كل فريق بأذان وإقامة على حدة كما في أمالي قاضيخان ا ه. ونحوه في الدرر. والمرا بمسجد المحلة: ما له إمام وجماعة معلومون كما في الدرر وغيرها. قال في المنبع: والتقييد بالمسجد المختص بالمحلة احتراز من الشارع، وبالأذان الثاني احتراز عما إذا صلى في مسجد المحلة جماعة بغير أذان حيث يباح إجماعا ا ه. ثم قال في الاستدلال على الإمام الشافعي النافي للكراهة ما نصه: ولنا أنه عليه الصلاة والسلام كان خرج ليصلح بين قوم فعاد إلى المسجد وقد صلى أهل المسجد فرجع إلى منزله فجمع أهله وصلى ولو جاز ذلك لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد، ولان في الاطلاق هكذا تقليل الجماعة معنى، فإنهم لا يجتمعون إذا علموا أنها لا تفوتهم.
وأما مسجد الشارع فالناس فيه سواء لا اختصاص له بفريق دون فريق ا ه. ومثله في البدائع وغيرها، ومقتضى هذا الاستدلال كراهة التكرار في مسجد المحلة ولو بدون أذان، ويؤيده ما في الظهيرية: لو دخل جماعة المسجد بعدما صلى فيه أهله يصلون وحدانا وهو ظاهر الرواية ا ه. وهذا مخالف لحكاية الاجماع المارة، وعن هذا ذكر العلامة الشيخ رحمة الله السندي تلميذ المحقق ابن الهمام في رسالته أن ما يفعله أهل الحرمين من الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة مكروه اتفاقا.