وبما تقرر علم أن سبب الانكار كون الدعاء بالرحمة لم يثبت هنا من طريق يعتد به، والباب باب اتباع، لا ما قاله ابن عبد البر وغيره من أنه لا يدعى له (ص) بلفظ الرحمة، فإن أراد النافي امتناع ذلك مطلقا فالأحاديث الصحيحة صريحة في رده، فقد صح في سائر روايات التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وصح أنه (ص) أقر من قال ارحمني وارحم محمدا ولم ينكر عليه سوى قوله ولا ترحم معنا أحدا وحصولها لا يمنع طلبها له كالصلاة والوسيلة والمقام المحمود، لما فيه من عود الفائدة له (ص) بزيادة ترقيه التي لا نهاية لها والداعي بزيادة ثوابه على ذلك ا ه.
والحاصل أن الترحم بعد التشهد لم يثبت وإن كان قد ثبت في غيره، فكان جائزا في نفسه.
قوله: (ولو ابتداء) أي من غير تبعيته لصلاة أو سلام. وذكر في البحر والحلية أن الكراهة في الابتداء متفق عليها وتعقبه في النهر بأن عبارة الزيلعي في آخر الكتاب تقتضي أن الخلاف في الكل، فإنه قال: اختلفوا في الترحم على النبي (ص) بأن يقول: اللهم ارحم محمدا. قال بعضهم: لا يجوز لأنه ليس فيه ما يدل على التعظيم كالصلاة. وقال بعضهم: يجوز، لأنه عليه الصلاة والسلام كان من أشوق العباد إلى مزيد رحمة الله تعالى، واختاره السرخسي لوروده في الأثر ولا عتب على من اتبع.
وقال أبو جعفر: وأنا أقول وارحم محمدا للتوارث في بلاد المسلمين. واستدل بعضهم على ذلك بتفسيرهم الصلاة بالرحمة، واللفظان إذا استويا في الدلالة صح قيام أحدهما مقام الآخر، ولذا أقر عليه الصلاة والسلام الاعرابي على قوله اللهم ارحمني ومحمدا ا ه فافهم. قوله: (ذكره الرملي الشافعي) أي في شرحه على منهاج النووي. ونصه: والأفضل الاتيان بلفظ السيادة كما قاله ابن ظهيرية، وصرح به جمع، وبه أفتى الشارح، لان فيه الاتيان بما أمرنا به، وزيادة الاخبار بالواقع الذي هو أدب، فهو أفضل من تركه وإن تردد في أفضليته الأسنوي. وأما حديث لا تسيدوني في الصلاة، فباطل لا أصل له، كما قاله بعض متأخري الحفاظ وقول الطوسي إنها مبطلة غلط ا ه.
واعترض بأن هذا مخالف لمذهبنا لم مر من قول الإمام من أنه لو زاد في تشهده أو نقص فيه كان مكروها.
قلت: فيه نظر، فإن الصلاة زائدة على التشهد ليست منه، نعم ينبغي على هذا عدم ذكرها في وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنه يأتي بها مع إبراهيم عليه السلام. قوله: (لحن أيضا) أي مع كونه كذبا. قوله: (والصواب بالواو) لأنه واوي العين من ساد يسود، قال الشاعر:
وما سودتني عامر عن وراثة * أبى الله أن أسمو بأم ولا أب مطلب في الكلام على التشبيه في كما صليت على إبراهيم قوله: (وخص إبراهيم إلخ) جواب عن سؤال تقدير: لم خص التشبيه بإبراهيم دون غيره من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام؟ فأجاب بثلاثة أجوبة:
الأول: أنه سلم علينا ليلة المعراج حيث قال أبلغ أمتك مني السلام.
والثاني: أنه سمانا المسلمين كما أخبرنا عنه تعالى بقوله: * (هو سماكم المسلمين من قبل) * (الحج: 87) أي بقوله: * (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) * (البقرة: 821) والعرب