يأتي بها في الثالثة، ولو فيهما معا أتى في الثالثة بفاتحة وسورة وفاتت الأخرى، ويسجد للسهو لو ساهيا، وليعم الرباعية السرية فإنه يأتي بها في الأخريين أيضا أفاده ط، وإنما خص المصنف العشاء بالذكر لمكان قوله جهرا في الأخريين لا للاحتراز عن غيره، فلذا أشار الشارح إلى التعميم، فافهم. قوله: (ولو عمدا) هذا ظاهر إطلاق المتون، وبه صرح في النهر، ولم يعزه إلى أحد، كأنه أخذه من الاطلاق، وإلا فصنيع الفتاوى والشروح يقتضي أن وضع المسألة في النسيان. تأمل. أفاده الخير الرملي. قوله: (وجوبا وقيل ندبا) أشار إلى أن الأصح الوجوب، وذلك لان محمدا أشار إليه في الجامع الصغير حيث عبر قوله قرأها بلفظ الخبر، وهو آكد من الامر في الوجوب، وصرح في الأصل بالاستحباب. قال في غاية البيان: والأصح ما في الجامع الصغير، لأنه آخر التصنيفين.
ورده في الفتح بأن ما في الأصل أصرح فيجب التعويل عليه في الرواية، وكون الاخبار آكد رده في البحر بأنه في إخبار الشارع لا في غيره، فكان المذهب الاستحباب. قال في النهر: ولا يخفى أن أمر المجتهد ناشئ عن أمر الشارع، فكذا إخباره، نعم قال في الحواشي السعدية: إنما يكون دليلا إذا كان مستعملا في الامر الايجابي وهو ممنوع. وأقول: لم لا يجوز أن يكون المراد الاستحباب وتكون القرينة عليه ما في الأصل كما أريد بما مر من قوله افترش رجله اليسرى ووضع يديه على فخذيه وأمثال ذلك ا ه. والحاصل أن اختيار صاحب الفتح والبحر والنهر الندب لأنه صريح كلام محمد. قوله: (مع الفاتحة) أشار به إلى شيئين:
الأول: أنه يقدم الفاتحة، لان مع تدخل على المتبوع، وهو أحد قولين وينبغي ترجيحه.
والثاني: أن الفاتحة واجبة أيضا، وفيه قولان أيضا، وينبغي ترجيح عدم الوجوب كما هو الأصل فيها، أفاده في البحر والنهر. قوله: (لان الجمع الخ) أشار به إلى أن قول المصنف جهرا راجع إلى الفاتحة والسورة معا، وجعله الزيلعي ظاهر الرواية، وصححه في الهداية لما ذكره الشارح، وصحح التمرتاشي أنه يجهر بالسورة فقط، وجعله شيخ الاسلام الظاهر من الجواب، وفخر الاسلام الصواب، ولا يلزم الجمع الشنيع، لان السورة تلتحق بموضعها تقديرا، بحر، ومفاده أن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة مكروه اتفاقا إذا كانت القراءة في محلها غير ملتحقة بما قبلها. ويرد عليه ما قدمناه من الفروع أول الفصل، فتأمل.
مطلب: تحقيق مهم فيما لو تذكر في ركوعه أنه لم يقرأ فعاد تقع القراءة فرضا وفي معنى كون القراءة فرضا وواجبا وسنة قوله: (ولو تذكرها) أي السورة.
قوله: (قرأها) أي بعد عوده إلى القيام قوله: (وأعاد الركوع) لان ما يقع من القراءة في الصلاة يكون فرضا فيرتفض الركوع ويلزمه إعادته، لان الترتيب بين القراءة والركوع فرض كما مر بيانه في الواجبات، حتى لو لم يعده تفسد صلاته، بل لو قام لأجل القراءة ثم بدا له فسجد ولم يقرأ ولم يعد الركوع، قيل تفسد، وقيل لا.
والفرق بين القراءة وبين القنوت حيث لا يعود لأجله لو تذكره في ركوعه، ولو عاد لا يرتفض: هو ما ذكرنا من أن القراءة تقع فرضا، أما القنوت إذا أعيد يقع واجبا.