صاحب الهداية أجبت عنه فيما علقته عليه. قوله: (غسل الوجه) الغسل بفتح الغين لغة: إزالة الوسخ عن الشئ بإجراء الماء عليه: وبضمها: اسم لغسل تمام الجسد وللماء الذي يغسل به، وبكسرها:
ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره. بحر. والمراد الأول: وإضافته إلى الوجه من إضافة المصدر إلى مفعوله والفاعل محذوف: أي غسل المتوضئ وجهه، لكن يرد عليه أن يكون صفة للفاعل وهو غير مشروط، إذ لو أصابه الماء من غير فعل كفى، فالأولى جعله مصدرا لمبني المجهول على إرادة الحاصل بالمصدر: أي مغسولية الوجه. قال في حواشي المطول: المصدر يستعمل في أصل النسبة وفي الهيئة الحاصلة منها للمتعلق معنوية أو حسية، كهيئة المتحركية الحاصلة من الحركة، وتسمى الحاصل بالمصدر، وتلك الهيئة للفاعل فقط في اللازم كالمتحركية والقائمية من الحركة والقيام، أو للفاعل والمفعول للمتعدي كالعالمية والمعلومية من العلم، واستعمال المصدر بالمعنى الحاصل بالمصدر استعمال الشئ في لازم معناه انتهى: أي فهو مجاز مرسل. قوله: (أي إسالة الماء الخ) قال في البحر: واختلف في معناه الشرعي: فقال أبو حنيفة ومحمد: هو الإسالة مع التقاطر ولو قطرة حتى لو لم يسل الماء بأن استعمله استعمال الدهن لم يجز في ظاهر الرواية، وكذا لو توضأ بالثلج ولم يقطر منه شئ لم يجز. وعن أبي يوسف: هو مجرد بل المحل بالماء سال أو لم يسل ا ه.
واعلم أنه صرح كغيره بذكر التقاطر مع الإسالة وإن كان حد الإسالة أن يتقاطر الماء للتأكيد، وزيادة التنبيه على الاحتراز عن هذه الرواية، على أنه ذكر في الحلية عن الذخيرة وغيرها أنه قيل في تأويل هذه الرواية إنه سال من العضو قطرة أو قطرتان ولم يتدارك ا ه. والظاهر أن معنى لم يتدارك:
لم يقطر على الفور بأن قطر بعده مهلة، فعلى هذا يكون ذكر السيلان المصاحب للتقاطر احتراز عما لا يتدارك فافهم، ثم على هذا التأويل يندفع ما أورد على هذه الرواية من أن البل بلا تقاطر مسح، فيلزم أن تكون الأعضاء كلها ممسوحة مع أنه تعالى أمر بالغسل والمسح. قوله: (ولو قطرة) على هذا يكون التقاطر بمعنى أصل الفعل ا ه.. قوله: (أقله قطرتان) يدل عليه صيغة التفاعل ا ه ح.
ثم لا يخفى أن هذا بيان للفرض الذي لا يجزى أقل منه لأنه في صدد بيان الغسل المفروض، وسيأتي أن التقتير مكروه، ولا يمكن حمل التقتير على ما دون القطرتين، لان الوضوء حينئذ لا يصح لما علمت، فتعين أنه لا ينتفي التقتير إلا بالزيادة على ذلك، بأن يكون التقاطر ظاهرا ليكون غسلا بيقين، وبدونها يقرب إلى حد الدهن، وربما لا يتيقن بسيلأن الماء على جميع أجزاء العضو فلذاكرة، فافهم.
قوله: (لان الامر) وهو هنا قوله تعالى * (فاغسلوا) * (المائدة: 6). قوله: (لا يقتضي التكرار) أي لا يستلزمه، بل ولا يحتمله في التصحيح عندنا، وإنما يستفاد من دليل خارجي كتكرر الصلاة لتكرر أوقاتها.
مطلب في معنى الاشتقاق وتقسيمه إلى ثلاثة أقسام قوله: (مشتق الخ) المراد بالاشتقاق: الاخذ مجازا علاقته الاطلاق والتقييد، إذ (الاشتقاق في الصرف أخذ واحد من الأشياء العشرة من المصدر، وهي الماضي والمضارع والامر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل واسم الزمان والمكان والآلة، والوجه ليس منها ا ه. لكن في تعريفات السيد: الاشتقاق نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة، فإن كان بينهما تناسب في الحروف والترتيب كضرب من الضرب فهو