النجس، لكن لما كانت تأكل الميتة غالبا أشبهت المخلاة فكره سؤرها، حتى لو علم طهارة منقارها انتفت الكراهة، هكذا قرروا، وبه علم أن طهارة السؤر في بعض هذه المذكورات ليست للضرورة، بل على الأصل، فتنبه. قوله: (مكروه) لجواز كونها أكلت نجاسة قبيل شربها.
وأفاد في الفتح أنه لو احتمل تطهيرها فمها زالت الكراهة حيث قال: ويحمل إصغاؤه (ص) الاناء للهرة على زوال ذلك التوهم، بأن كانت في مرأى منه في زمان يمكن فيه غسلها فمها بلعابها وأما على قول محمد فيمكن بمشاهدة شربها من ماء كثير أو مشاهدة قدومها عن غيبة يجوز معها ذلك.
فيعارض هذا التجويز بتجويز أكلها نجسا قبيل شربها فيسقط فتبقى الطهارة دون كراهة، لان الكراهة ما جاءت إلا من ذلك التجويز وقد سقط، وعلى هذا لا ينبغي إطلاق كراهة أكل فضلها والصلاة إذا لحست عضوا قبل غسله، كما أطلقه شمس الأئمة وغيره، بل يقيد بثبوت ذلك التوهم، أما لو كان زائلا بما قلنا فلا ا ه. وأقره في البحر وشرح المقدسي، وهو خلاف ما قدمناه عن المنية. تأمل.
قوله: (تنزيها) قيد به لئلا يتوهم التحريم.
مطلب: الكراهة حيث أطلقت فالمراد منها التحريم قال في البحر: واعلم أن المكروه إذا أطلق في كلامهم فالمراد منه التحريم، إلا أن ينص على كراهة التنزيه، فقد قال المصنف في المصفى: لفظ الكراهة عند الاطلاق يراد بها التحريم. قال أبو يوسف: قلت لأبي حنيفة: إذا قلت في شئ أكرهه فما رأيك فيه؟ قال: التحريم ا ه. قوله: (في الأصح) الخلاف إنما هو في سؤر الهرة. قال في البحر: وأما سؤر الدجاجة المخلاة فلم أرى من ذكر خلافا في المراد من الكراهة، بظاهر كلامهم أنها كراهة التنزيه بلا خلاف لأنها لا تتحامى النجاسة، وكذا في سباع الطير وسواكن البيوت ا ه. قوله: (كأكلة لفقير) أي أكل سؤرها: أي موضع فمها، وما سقط منه من الخبز ونحوه من الجامدات لأنه لا يخلو من لعابها، وليس المراد أكل ما بقي: أي مما لم يخالطه لعابها، بخلاف المائع كما أوضحه في الحلية. وأفاد الشارح كراهته لغني لأنه يجد غيره، وهذا عند توهم نجاسة فمها كما قدمناه عن الفتح قريبا.
فرع: تكره الصلاة مع حمل ما سؤره مكروه كالهرة ا ه. بحر عن التوشيح.
قلت: وينبغي تقييده بالتوهم أيضا كما علمته مما مر، ويظهر منه كراهة الصلاة بثوب أصابه السؤر المكروه كما ذكره في الحلية.
مطلب: ست تورث النسيان نكتة: قيل ست تورث النسيان: سؤر الفأرة، وإلقاء القملة وهي حية، والبول في الماء الراكد، وقطع القطار، ومضغ العلك، وأكل التفاح. ومنهم من ذكره حديثا، لكن قال أبو الفرج بن الجوزي: إنه حديث موضوع. بحر وحلية. وإطلاق التفاح هنا موافق لما في كتب الطب من أنه كله مورث للنسيان. وذكر بعضهم الحديث مقيدا التفاح بالحامض.
تتمة: زاد بعضهم: مما يورث النسيان أشياء، منها: العصيان، والهموم والأحزان بسبب الدنيا، وكثرة الاشتغال بها، وأكل الكزبرة الرطبة، والنظر إلى المصلوب، والحجم في نقرة القفا، واللحم و الملح، والخبز الحامي، والاكل من القدر، وكثرة المزح، والضحك بين المقابر، والوضوء في محل الاستنجاء، وتوسد السراويل أو العمامة، ونظر الجنب إلى السماء، وكنس البيت بالخرق، ومسح وجهه أو يديه بذيله، ونفض الثوب في المسجد، ودخوله باليسرى وخروجه باليمنى، واللعب