للاستشفاء، وبالبول أيضا إن علم فيه شفاء لا بأس به، لكن لم ينقل، وهذا لان الحرمة ساقطة عند الاستشفاء كحل الخمر والميتة للعطشان والجائع ا ه. من البحر. وأفاد سيدي عبد الغني أنه لا يظهر الاختلاف في كلامهم لاتفاقهم على الجواز للضرورة، واشتراط صاحب النهاية العلم لا ينافيه اشتراط من بعده الشفاء، ولذا قال والدي في شرح الدرر: إن قوله لا للتداوي محمول على المظنون، وإلا فجوازه باليقين اتفاق كما صرح به في المصفى ا ه.
أقول: وهو ظاهر موافق لما مر في الاستدلال، لقول الإمام: لكن قد علمت أن قول الأطباء لا يحصل به العلم. والظاهر أن التجربة يحصل به العلم. والظاهر أن التجربة يحصل بها غلبة الظن دون اليقين، إلا أن يريدوا بالعلم غلبة الظن وهو شائع في كلامهم. تأمل. قوله: (وظاهر المذهب المنع) محمول على المظنون كما علمته. قوله: (لكن نقل المصنف الخ) مفعول نقل قوله: وقيل يرخص الخ والاستدراك على إطلاق المنح، وإذا قيد بالمظنون فلا استدراك. ونص ما في الحاوي القدسي: إذا سال الدم من أنف إنسان ولا ينقطع حتى يخشى عليه الموت وقد علم أنه لو كتب فاتحة الكتاب أو الاخلاص بذلك الدم على جبهته ينقطع فلا يرخص له ما فيه وقيل يرخص كما رخص في شرب الخمر للعطشان وأكل الميتة في المخمصة، وهو الفتوى ا ه. قوله: (ولم يعلم دواء آخر) هذا المصرح به في عبارة النهاية كما مر وليس في عبارة الحاوي، إلا أنه يفاد في قوله: كما رخص الخ لان حل الخمر والميتة حيث لم يوجد ما يقوم مقامهما أفاده ط. قال: ونقل الحموي أن لحم الخنزير لا يجوز التداوي به وإن تعين، والله تعالى أعلم.
فصل في البئر لما ذكر تنجس الماء القليل بوقوع فيه حتى يراق كله أردفه ببيان مسائل الآبار، لان منها ما يخالف ذلك لابتنائها على متابعة الآثار دون القياس، قال في الفتح: فإن القياس إما أن لا تطهر أصلا كما قال شر لعدم الامكان لاختلاط النجاسة بالأوحال والجدران والماء ينبع شيئا فشيئا، وإما أن لا تتنجس حيث تعذر الاحتراز أو التطهير، كما نقل عن محمد أنه قال: اجتمع رأيي ورأي أبي يوسف أن ماء البئر في حكم الجاري لأنه ينبع من أسفل ويؤخذ من أعلاه فلا ينجس كحوض الحمام. قلنا: وما علينا أن ننزح منها دلاء أخذا بالآثار، ومن الطريق أن يكون الانسان في يد النبي (ص) وأصحابه رضي الله عنهم كالأعمى في يد القائد ا ه. ثم ذكر بعده الآثار الواردة بأسانيدها فراجعه. وفي البحر عن النووي: البئر مؤنثة مهموزة، ويجوز تخفيفها من بأرت: أي حفرت، وجمعها في القلة أبؤر وأبآر بهمزة بعد الباء فيهما، ومن العرب من يقلب الهمزة في أبآر وينقلها فيقول آبار، وجمعها في الكثرة بئر بكسر فهمزة. قوله: (ليست بحيوان) قيد بذلك لان المصنف بين أحكام الحيوان بخصوصه وفصلها. قوله: (ولو مخففة) لان أثر التخفيف وهو العفو عما دون الربع لا يظهر في الماء، وأفاد ط أنه لو أصاب هذا الماء ثوبا فالظاهر أنه لا تعتبر هذه النجاسة بالمخففة. قوله: (أو قطرة بول) أي ولو مأكول اللحم كما مر، وسيأتي استثناء ما لا يمكن الاحتراز عنه كبول الفأرة. قوله: (لم يشمع) أي لم يجعل في محل القطع منه الذي لا ينفك عن بلة