أقول: الذي تحصل لنا من هذا كله أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الموجب لفساد صلاة الأمي ترك القراءة مع القدرة عليها بعد ظهور الرغبة في الجماعة، وإليه جنح صاحب الهداية ومن حذا حذوه، وأن بعضهم ذهبوا إلى أن الموجب لفسادها ترك القراءة مع القدرة عليها بالاقتداء بالقارئ، سواء ظهرت الرغبة في صلاة الجماعة أو لا، وإليه مال صاحب النهاية ومن نحا نحوه.
مطلب: الاخذ بالصحيح أولى من الأصح والتحقيق الأول الذي في الهداية، ولهذا انحط كلام أكثر العلماء عليه، ثم أيده بما مر في صدر الكتاب عن شرح المنية من أن الاخذ بالصحيح أولى من الأصح، لان مقابل الأول فاسد، ومقابل الثاني صحيح، فقائل الأصح موافق قائل الصحيح دون العكس، والاخذ بما اتفقا على أنه صحيح أولى.
تتمة: تقدم أنه لا يصح اقتداء أمي بأخرس لقدرة الأمي على التحريمة ويصح عكسه، فالأخرس أسوأ حالا من الأمي، فتجري فيه الأحكام المذكورة.
فرع: سئل العلامة قاسم في فتواه عن رجل أخرى أدرك بعض صلاة الامام وفاته البعض.
فأجاب بأن صلاته فاسدة عند الامام، جائزة عند أبي يوسف، وقول الإمام هو الصحيح ا ه. ثم رأيت المسألة في الذخيرة وفرضها في الأمي.
مطلب: في أحكام المسبوق والمدرك واللاحق قوله: (واعلم أن المدرك الخ) حاصله أن المقتدي أربعة أقسام: مدرك، ولاحق فقط، ومسبوق فقط، ولاحق مسبوق، فالمدرك لا يكون لاحقا ولا مسبوقا، وهذا بناء على تعريفه المدرك تبعا للبحر والدرر بمن صلاها كاملة مع الامام: أي أدرك جميع ركعاتها معه، سواء أدرك معه التحريمة أو أدركه في جزء من ركوع الركعة الأولى إلى أن قعد معه القعدة الأخيرة، سواء سلم معه أو قبله، وأما على ما في النهر من تعريفه المدرك بمن أدرك أول صلاة الامام فإنه قد يكون لاحقا، وعليه فيقال: المقتدي إما مدرك أو مسبوق، وكل منهما إما لاحق أو لا. واعلم أن التفرقة بين المدرك واللاحق اصطلاحية. وفي اللغة: يصدق كل منهما على الآخر.
مطلب: فيما لو أتى بالركوع والسجود أو بهما مع الامام أو قبله أو بعده قوله: (من فاتته الركعات الخ) المراد بالفوات أنه لم يصل جميع صلاته مع الامام بأن لم يصل معه شيئا منها أو صلى بعضها، فيدخل فيه المقيم المقتدي بمسافر فإنه لم يفته شئ من صلاة الامام بعد اقتدائه به ولكنه صلى معه بعض صلاة نفسه فيكون لاحقا في باقيها، هذا ما ظهر لي فتدبره. قوله: (بعد اقتدائه) متعلق بقوله فاتته. ثم إن كان اقتداؤه في أول الصلاة فقد يفوته كلها، بأن نام عقب اقتدائه إلى آخرها، وقد يفوته بعضها، وإن كان اقتداؤه في الركعة الثانية مثلا فقد فاته بعضها ويكون لاحقا مسبوقا والأول لاحق فقط، نعم على تعريف النهر المار يكون مدركا لاحقا، فافهم. قوله: (بعذر) متعلق بفاتته أيضا. قوله: (وزحمة) بأن زحمه الناس في الجمعة مثلا فلم يقدر على أداء الركعة الأولى مع الامام وقدر على الباقي، فيصليها ثم يتابعه. قوله: (وسبق حدث) أي لمؤتم، وكذا الامام إذا أدى المستخلف بعضها حال الذهاب إلى الوضوء ط. قوله: (وصلاة خوف) أي في الطائفة الأولى، وأما الثانية فمسبوقة ا ه ح. قوله: (ومقيم الخ) أي فهو لاحق بالنظر