المنية. وأما مراده مجرد بيان أن الأصح آكد بمقتضى أفعل التفضيل وذلك لا ينافي تقديم الصحيح للاتفاق عليه، فهو في غاية البعد، على أنه لا يتأتى في لفظ الفتوى مع غيره فإنه جعله آكد، ولا معنى لاكديته إلا تقديمه على غيره كما لا يخفي، فافهم. ويدل على أن مراده ما قلناه أولا ما قاله في الخيرية أيضا في كتاب الكفالة بعد كلام. قلت: وقوله والصحيح لا يدفع قول صاحب المحيط، هذا هو الأصح وعليه الفتوى اه. قوله: (إمامان معتبران) أي من أئمة الترجيح ط. قوله:
(لأنهما اتفقا الخ) أي وانفرد أحدهما بجعل الاخر أصح. قلت: والعلة لا تخص هذين اللفظين، بل كذلك الوجبة والأوجه والاحتياط والأحوط، أفاده ط. (إذا ذيلت رواية الخ) أي جعل في ذيلها: أي في آخرها، والمتبادر من هذه العبارة أن التذييل بالتصحيح وقع لرواية واحدة دون مخالفتها فليس فيه تعارض التصحيح لكن إذا كان التصحيح بصيغة أفعل التفضيل أفاد أن الرواية المخالفة صحيحة أيضا، فله الافتاء بأي شاء منهما، وإن كان الأولى تقديم الأولى لزيادة الصحة فيها، وسكت عنه لظهوره وأما إذا كان التصحيح بصيغة تقتضي قصر الصحة على تلك الرواية فقط، كالصحيح والمأخوذ به ونحوهما مما بفيد ضعف الرواية المخالفة لم يجز الافتاء بمخالفها، لما سيأتي أن الفتيا بالمرجوح جهل، وهذا بخلاف ما إذا وجد التصحيح في كتاب آخر للرواية فإن الأولى تقديم الآكد منهما أو المتفق عليه على الخلاف المار، وبه ظهر أن هذا تفصيل آخر زائد على ما مر غير مخالف له فافهم. قوله: (إلا إذا كان الخ) استثناء منقطع لأنه مفروض فيما وجد فيه التصحيح من كلا الطرفين، والمستثني منه فيما إذا لم يذيل مخالفه بشئ كما مر. وفائدة هذا الاستثناء توضيح ما مر عن وقف البحر وبيان المراد من التخيير، فليس فيه تكرير، فافهم. قوله: (وفي الكافي) يحتمل أن المراد به كافي الحاكم أو كافي النسفي الذي شرح به كتابه الوافي أصل الكنز، والظاهر الثاني.
قوله: (فيختار الأقوى) أي إن كان من أهل النظر في الدليل أو نص العلماء على ذلك، ولا تنس ما قدمناه من بقية قيود التخيير. قوله: (والأليق) أي لزمانه والأصلح الذي يراه مناسبا في تلك الواقعة.
قوله: (فليحفظ) أي جميع ما ذكرناه.
وحاصله، أن الحكم إذا اتفق عليه أصحابنا يفتى به قطعا، وإلا أن يصح المشايخ أحد القولين فيه أو كلا منهما، أولا، وإلا ففي الثالث يعتبر الترتيب، بأن يفتى بقول أبي حنيفة ثم بقول أبي يوسف الخ، أو يعتبر قوة الدليل، وقد مر التوفيق. وفي الأول إن كأم التصحيح بأفعل التفضيل خير المفتي، وإلا فلا، بل يفتى بالمصحح فقط، وهذا ما نقله عن الرسالة. وفي الثاني إما أن يكون أحدهما بأفعل التفضيل أو لا. ففي الأول قيل يفتى بالأصح وهو المنقول عن الخيرية، وقيل بالصحيح وهو المنقول عن شرح المنية. وفي الثاني يخير المفتى وهو المنقول عن وقف البحر