فكان مفسدا ا ه. وهو مخالف لما مر عن عامة الكتب إلا أن يحمل على قولهما أو على الامام المستخلف. تأمل قوله: (وإن كثر) أي وإن مشى قدر صفوف كثيرة على هذه الحالة، وهو مستدرك بقوله: وهكذا. قوله: (منا لم يختلف المكان) أي بأن خرج من المسجد أو تجاوز الصفوف، لو الصلاة في الصحراء فحينئذ تفسد، كما لو مشى قدر صفين دفعة واحدة. قال في شرح المنية: وهذا بناء على أن الفعل القليل غير مفسد ما لم يتكرر متواليا، وعلى أن اختلاف المكان مبطل ما لم يكن لاصلاحها، وهذا إذا كان قدامه صفوف، أما إن كان إماما فجاوز موضع سجوده، فإن بقدر ما بينه وبين الصف الذي يليه لا تفسد، وإن أكثر فسدت، وإن كان منفردا فالمعتبر موضع سجوده، فإن جاوزه فسدت وإلا فلا، والبيت للمرأة كالمسجد عند أبي علي النسفي، وكالصحراء عند غيره ا ه.
مطلب: في المشي في الصلاة قوله: (وقيل لا تفسد حالة العذر) أي وإن كثر واختلف المكان، لما في الحلية عن الذخيرة أنه روي أن أبا برزة (1) رضي الله عنه صلى ركعتي آخذا بقياد فرسه ثم انسل من يده، فمضى الفرس على القبلة فتبعه حتى أخذ بقيادة، ثم رجع ناكصا على عقبيه حتى صلى الركعتين الباقيتين قال محمد في السير الكبير: وبهذا نأخذ، ثم ليس في هذا الحديث فصل بين المشي القليل والكثير جهة القبلة، فمن المشايخ من أخذ بظاهره ولم يقل بالفساد قل أو كثر استحسانا، والقياس الفساد إذا كثر، والحديث خص حالة العذر فيعمل بالقياس في غيرها. وحكى الامام السعدي عن أستاذه الجواز فيما إذا مشى مستقبلا وكان غازيا، وكذا الحاج وكل مسافر سفره عبادة. وبعض المشايخ أولوا الحديث.
ثم اختلفوا في تأويله: فقيل تأويله إذا لم يجاوز الصفوف أو موضع سجوده وإلا فسدت، وقيل إذا لم يكن متلاحقا بل خطوة ثم خطوة، فلو متلاحقا تفسد إن لم يستدبر القبلة لأنه عمل كثير، وقيل تأويله إذا مشى مقدار ما بين الصفين، كما قالوا فيمن رأى فرجة في الصف الأول فمشى إليها فسدها، فإن كان هو في الصف الثاني لم تفسد صلاته، وإن كان في الصف الثالث فسدت ا ه.
ملخصا. ونص في الظهيرية على المختار أنه إذا كثر تفسد.
هذا، وذكر في الحلية أيضا في فصل المكروهات أن الذي تقتضيه القواعد المذهبية المستندة إلى الأدلة الشرعية ووقع به التصريح في بعض الصور الجزئية أن المشي لا يخلو إما أن يكون بلا عذر أو بعذر، فالأول إن كان كثيرا متواليا تفسد وإن لم يستدبر القبلة، وإن كان كثيرا عير متوال بل تفرق في ركعات أو كان قليلا، فإن استدبرها فسدت صلاته للمنافي بلا ضرورة، وإلا فلا يكره،