حيث خيف الرياء أو تأذى المصلين أو النيام، فإن خلا مما ذكر، فقال بعض أهل العلم: إن الجهر أفضل، لأنه أكثر عملا، ولتعدي فائدته إلى السامعين، ويوقظ قلب الذاكر فيجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم، ويزيد النشاط ا ه ملخصا، وتمام الكلام هناك فراجعه. وفي حاشية الحموي عن الامام الشعراني: أجمع العلماء سلفا وخلفا على استحباب ذكر الجماعة في المساجد وغيرها. إلا أن يشوش جهرهم على نائم أو مصل أو قارئ الخ. قوله: (والوضوء) لان ماءه مستقذر طبعا فيجب تنزيه المسجد عنه، كما يجب تنزيهه عن المخاط والبلغم. بدائع. قوله:
(إلا فيما أعد لذلك) انظر هل يشترط إعداد ذلك من الواقف أم لا؟ وفي حاشية المدني عن الفتاوى العفيفية: ولا يظن أن ما حول بئر زمزم يجوز الوضوء أو الغسل من الجنابة فيه لان حريم زمزم يجري عليه حكم المساجد، فيعامل بمعاملتها: من تحريم البصاق. والمكث مع الجنابة فيه، ومن حصول الاعتكاف فيه، واستحباب تقديم اليمنى، بناء على أن الداخل من مسجد لمسجدين له ذلك ا ه.
قوله: (كتقليل نز) النز: بفتح النون وكسرها وبالزاي المعجمة، ما يتحلب من الأرض من الماء، يقال: نزت الأرض: صارت ذات نز، كذا في الصحاح.
مطلب: في الغرس في المسجد قال في الخلاصة غرس الأشجار في المسجد لا بأس به إذا كان فيه نفع للمسجد، بأن كان المسجد ذا نز والأسطوانات لا تستقر بدونها، وبدون هذا لا يجوز ا ه. وفي الهندية عن الغرائب: إن كان لنفع الناس بظله، ولا يضيق على الناس، ولا يفرق الصفوف لا بأس به، وإن كان لنفع نفسه بورقه أو ثمره أو يفرق الصفوف، أو كان في موضع تقع به المشابهة بين البيعة والمسجد يكره ا ه.
هذا، وقد رأيت رسالة للعلامة ابن أمير حاج بخطه متعلقة بغراس المسجد الأقصى رد فيها على من أفتى بجوازه فيه، أخذا من قولهم: لو غرس شجرة للمسجد فثمرتها للمسجد فرد عليه بأنه لا يلزم من ذلك حل الغرس إلا للعذر المذكور، لان فيه شغل ما أعد للصلاة ونحوها، وإن كان المسجد واسعا أو كان في الغرس نفع بثمرته، وإلا لزم إيجار قطعه منه، ولا يجوز إبقاؤه أيضا، لقوله عليه الصلاة والسلام ليس لعرق ظالم حق لان الظلم وضع الشئ في غير محله، وهذا كذلك الخ ما أطال به. ورأيت في آخر الرسالة بخط بعض العلماء أنه وافقه على ذلك المحقق ابن أبي شريف الشافعي. قوله: (وأكل ونوم الخ) وإذا أراد ذلك ينبغي أن ينوي الاعتكاف، فيدخل ويذكر الله تعالى بقدر ما نوى، أو يصلي ثم يفعل ما شاء. فتاوى هندية. قوله: (وأكل نحو ثوم) أي كبصل ونحوه مما له رائحة كريهة، للحديث الصحيح في النهي عن قربان آكل الثوم والبصل المسجد.
قال الامام العيني في شرحه على صحيح البخاري: قلت: علة النهي أذى الملائكة وأذى المسلمين، ولا يختص بمسجده عليه الصلاة والسلام، بل الكل سواء لرواية مساجدنا بالجمع، خلافا لمن شذ ويلحق بما نص عليه في الحديث كل ما له رائحة كريهة مأكولا أو غيره، وإنما خص الثوم هنا بالذكر، وفي غيره أيضا بالبطل والكراث لكثرة أكلهم لها، وكذلك ألحق بعضهم بذلك من بفيه بخر أو به جرح له رائحة، وكذلك القصاب، والسماك، والمجذوم والأبرص أولى بالالحاق. وقال سحنون: لا أرى الجمعة عليهما. واحتج بالحديث، وألحق بالحديث كل من آذى الناس بلسانه،