أقول: أما كونه أتم فائدة فلا كلام فيه، وأما توقف فهم معناه العلمي على فهم معنى جزأيه ففي حيز المنع، فإن فهم المعنى العلمي من امرئ القيس مثلا يتوقف على فهم ما وضع ذلك اللفظ بإزائه وهو الشاعر المشهور، وإن جهل معنى كل من مفرديه فالحق القول الثاني، ولذا اقتصر في التحرير والتلويح وغيرهما في تعريف أصول الفقه على بيان معنى المفردين من حيث كون مركبا إضافيا فقط. قوله: (فالكتاب) تفريع على الراجح. قوله: (مصدر بمعنى الجمع) عدل عن قول البحر والعناية: هو جمع الحروف، لما أورده عليه أن الكتاب والكتابة لغة: الجمع المطلق، لان العرب تقول كتبت الخيل: إذا جمعتها ا ه. وزاد في الدرر احتمال كونه فعالا بني للمفعول كاللباس بمعنى الملبوس. قال: وعلى التقديرين يكون بمعنى المجموع. قوله: (لغة) منصوب على نزع الخافض أو على التمييز أو على الحالية ومثله شرعا واصطلاحا وبيان ذلك ما يرد عليه في رسالتنا الفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة. قوله: (جعل) أي الكتاب لا بقيد كونه مضافا للطهارة بل أعم منها ومن الصلاة ونحوها، لأنه في صدد بيان المضاف بمفرده كما أشرنا إليه. قوله:
(شرعا) الأولى اصطلاحا لان التعبير به لا يخص أهل الشرع وإن كان هو الغالب عندهم، لكن قيد به نظرا للمقام. أفاده ط. قوله: (عنوانا) أي عبارة تذكر صدر الكلام. قوله: (لمسائل) أي لألفاظ مخصوصة دالة على مسائل مجموعة، وتمامه في النهر.
مطلب في اعتبارات المركب التام وذكر في التلويح أن المركب التام المحتمل للصدق والكذب يسمى من حيث اشتماله على الحكم قضية، ومن حيث احتماله الصدق والكذب خبرا، ومن حيث يطلب بالدليل مطلوبا، ومن حيث يحصل من الدليل نتيجة، ومن حيث يقع في العلم ويسأل عنه مسألة، فالذات واحدة، واختلاف العبارات باختلاف الاعتبارات ا ه. قوله: (مستقلة) بمعنى عدم توقف تصورها على شئ قبلها أو بعدها، لا بمعنى الأصالة المطلقة، لان هذا الكتاب تابع لكتاب الصلاة المقصود أصالة، وعم التعريف ما كان تحته نوع واحد ككتاب اللقطة والآبق والمفقود، أو أكثر كالطهارة ونحوها مما تحته أنواع من الاحكام، كل نوع يسمى بابا، وكل باب مشتمل على صنف من المسائل أو أكثر، كل صنف يسمى فصلا، وزاد بعضهم مطلقا بعد قوله مستقلة احتراز عن الباب قال: لأنه طائفة من المسائل الفقهية اعتبرت مستقلة مع قطع النظر عن تبعيتها للغير أو تبعية الغير لها، فإن مسح الخفين تابع للوضوء والوضوء مستتبع له، وقد اعتبرا مستقلين، فالفرق بين الكتاب والباب أن الكتاب قد يكون تابعا وقد لا يكون، بخلاف الباب: أي فإنه لا بد وأن يكون تابعا أو مستتبعا ا ه.
وقد يقال: إن الملحوظ في الكتاب جنس المسائل لا باعتبار نوعها أو فصلها عما قبلها، والحيثية مراعاة في التعريف ولهذا قال بعض العلماء: إن المسائل إن اعتبرت بجنسها تصدر بالكتاب، لان الكتاب في اللغة الجمع، والجنس يشمل الأنواع غالبا، فيكون معنى الجمع مناسبا لمعنى الجنس، وإن اعتبرت بنوعها تصدر بالباب لان الباب في اللغة النوع، فيكون ذكره مناسبا لنوع المسائل وإن اعتبرت بفصلها، وفرقها عما قبلها تصدر بالفصل، لان الفصل في اللغة الفرق والقطع، فيكون ذكره مناسبا للمسائل المنقطعة عما قبلها. قال: وأكثر المصنفين من الفقهاء والمحدثين: مشوا على هذه الطريقة ا ه. قوله: (بمعنى المكتوب) راجع لقوله: فالكتاب مصدر، فهو