منزلة الترك حقيقة، فدخل الاعتكاف في العشر الأخير من رمضان، لأنه عليه الصلاة والسلام وإن واظب عليه من غير ترك ومقتضاها وجوب الاعتكاف، لكن لما لم ينكر عليه الصلاة والسلام على من لم يعتكف كان ذلك منزلا منزلة الترك حقيقة، والمراد أيضا المواظبة ولو حكما لتدخل التراويح، فإنه (ص) بين العذر في التخلف عنها وهو خوف أن تفرض علينا ط. عن أبي السعود.
ومفاده أن المواظبة بلا ترك تفيد الوجوب. قال في البحر: وظاهر الهداية يخالفه، فإنه في الاستدلال على سنية المضمضة والاستنشاق قال: لأنه عليه الصلاة والسلام فعلهما على المواظبة، ثم قال في البحر: والذي ظهر للعبد الضعيف أن السنة ما واظب عليه النبي (ص)، لكن إن كانت لا مع الترك، فهي دليل السنة المؤكدة، وإن كانت مع الترك أحيانا فهي دليل غير المؤكدة، وإن اقترنت بالانكار على من لم يفعله فهي دليل الوجوب، فافهم هذا فإن به يحصل التوفيق ا ه. قال في النهر: وينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يكن ذلك الفعل المواظب عليه مما اختص وجوبه به عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان كصلاة الضحى فإن عدم الانكار على من لم يفعل لا يصح أن ينزل منزلة الترك، ولا بد أن يقيد الترك بكونه لغير عذر كما في التحرير ليخرج المتروك لعذر كالقيام المفروض، وكأنه إنما تركه لان الترك لعذر لا يعد تركا ا ه. قوله: (وأورد عليه الخ) أي على تعريف الشمني، وحاصله النقض بعدم المنع، لأنه إذا كان الأصل في الأشياء التوقف بمعنى عدم العلم بالحكم، هل هو الإباحة أو الحظر؟ لاتعلم إباحة المباح إلا بقوله عليه الصلاة والسلام أو فعله، فيدخل في تعريف السنة إلا أن يزاد في التعريف ولا مباح. قال ط: وكذا يرد المباح على القول بأن الأصل الحظر. قوله: (إلا أن الفقهاء الخ) جواب عن الايراد. قال في الصحاح: اللهج بالشئ: الولوع به. وقد لهج بالكسر يلهج لهجا: إذا غرى به ا ه. والمعنى أنهم ينطقون به كثيرا. ط.
مطلب: المختار أن الأصل في الأشياء الإباحة أقول: وصرح في التحرير بأن المختار أن الأصل الإباحة عند الجمهور من الحنفية والشافعية ا ه. وتبعه تلميذه العلامة قاسم، وجرى عليه في الهداية من فصل الحداد: وفي الخانية من أوائل الحظر والإباحة. وقال في شرح التحرير: وهو قول معتزلة البصرة وكثير من الشافعية وأكثر الحنفية لا سيما العراقيين، قالوا: وإليه أشار محمد فيمن هدد بالقتل على أكل الميتة أو شرب الخمر فلم يفعل حتى قتل بقوله: خفت أن يكون آثما، لان أكل الميتة وشرب الخمر لم يحرما إلا بالنهي عنهما، فجعل الإباحة أصلا والحرمة بعارض النهي ا ه. ونقل أيضا أنه قول أكثر أصحابنا وأصحاب الشافعي الشيخ أكمل الدين في شرح أصول البزدوي، وبه علم أن قول الشارح في باب استيلاء الكفار أن الإباحة رأي المعتزلة: فيه نظر، فتدبر. قوله: (فالتعريف بناء عليه) أي على أن الأصل الإباحة.
أقول: هذا الجواب نافع فيما سكت عنه الشارع وبقي على الإباحة الأصلية، أما ما نص على