مطلب: كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تجب إعادتها قوله: (وكذا كل صلاة الخ) الظاهر أنه يشمل نحو مدافعة الأخبثين مما لم يوجب سجودا أصلا، وأن النقص إذ دخل في صلاة الامام ولم يجبر وجبت الإعادة على المقتدي أيضا، وأنه يستثنى منه الجمعة والعيد إذا أديت مع كراهة التحريم، إلا إذا أعادها الامام والقوم جميعا، فليراجع ح.
أقول: وقد ذكر في الامداد بحثا: أن كون الإعادة بترك الواجب واجبة لا يمنع أن تكون الإعادة مندوبة بترك سنة ا ه. ونحوه في القهستاني، بل قال في فتح القدير: والحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الإعادة، أو تنزيه فتستحب ا ه.
بقي هنا شئ، وهو أن صلاة الجماعة واجبة على الراجح في المذهب أو سنة مؤكدة في حكم الواجب كما في البحر، وصرحوا بفسق تاركها وتعزيره، وأنه يأثم، ومقتضى هذا أنه لو صلى مفردا يؤمر بإعادتها بالجماعة، وهو مخالف لما صرحوا به في باب إدراك الفريضة من أنه لو صلى ثلاث ركعات من الظهر ثم أقيمت الجماعة يتم ويقتدي متطوعا، فإنه كالصريح في أنه ليس له إعادة الظهر بالجماعة مع أن صلاته منفردا مكروهة تحريما أو قريبة من التحريم، فيخالف تلك القاعدة، إلا أن يدعي تخصيصها بأن مرادهم بالواجب والسنة التي تعاد بتركه: ما كان من ماهية الصلاة وأجزائها، فلا يشمل الجماعة لأنها وصف لها خارج عن ماهيتها، أو يدعي تقييد قولهم يتم ويقتدي متطوعا بما إذا كانت صلاته منفردا لعذر كعدم وجود الجماعة عند شروعه فلا تكون صلاته منفردا مكروهة، والأقرب الأول، ولذا لم يذكروا الجماعة من جملة واجبات الصلاة لأنها واجب مستقل بنفسه خارج عن ماهية الصلاة، ويؤيده أيضا أنهم قالوا: يجب الترتيب في سور القرآن، فلو قرأ منكوسا أثم لكن لا يلزمه سجود السهو، لان ذلك من واجبات القراءة لا من واجبات الصلاة كما ذكره في البحر في باب السهو، لكن قولهم كل صلاة أديت مع كراهة التحريم يشمل ترك الواجب وغيره، ويؤيده ما صرحوا به من وجوب الإعادة بالصلاة في ثوب فيه صورة بمنزلة من يصلي وهو حامل الصنم.
تنبيه: قيد في البحر في باب قضاء الفوائت وجوب الإعادة في أداء الصلاة مع كراهة التحريم بما قبل خروج الوقت، أما بعده فتستحب، وسيأتي الكلام فيه هناك إن شاء الله تعالى مع بيان الاختلاف في وجوب الإعادة وعدمه، وترجيح القول بالوجوب في الوقت وبعده. قوله: (والمختار أنه) أي الفعل الثاني جابر للأول بمنزلة الجبر بسجود السهو، وبالأول يخرج عن العهدة وإن كان على وجه الكراهة على الأصح، كذا في شرح الأكمل على أصول البزدوي، ومقابله ما نقلوه عن أبي اليسر من أن الفرض هو الثاني واختار ابن الهمام الأول قال: لان الفرض لا يتكرر، وجعله الثاني يقتضي عدم سقوطه بالأول، إذ هو لازم ترك الركن لا الواجب، إلا أن يقال: المراد أن ذلك امتنان من الله تعالى إذ يحتسب الكامل وإن تأخر عن الفرض لما علم سبحانه أنه سيوقعه ا ه: يعني أن القول بكون الفرض هو الثاني يلزم عليه تكرار الفرض، لان كون الفرض هو الثاني دون الأول يلزم منه عدم سقوطه بالأول وليس كذلك، لأن عدم سقوطه بالأول إنما يكون بترك فرض لا بترك واجب، وحيث استكمل الأول فرائضه لا شك في كونه مجزئا في الحكم وسقوط الفرض به وإن كان