والأشبه ترجح جواز الخلف في الوعيد في حق المسلمين خاصة دون الكفار توفيقا بين أدلة المانعين المتقدمة وأدلة المثبتين التي من نصها قوله تعالى: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك) * (النساء: 611) وقوله، عن إبراهيم * (رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) * (إبراهيم: 14) وأمر به نبينا (ص) بقوله تعالى: * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) * فعله عليه الصلاة والسلام كما في صحيح ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، ما أسرت وما أعلنت، ثم قال: إنها لدعائي لامتي في كل صلاة وحاصل هذا القول: جواز التخصيص لما دل عليه اللفظ بوضعه اللغوي من العموم في نصوص الوعيد، ولا ينافي النصوص الصحيحة المصرحة بأن من المؤمنين من يدخل النار ويعاقب فيها على ذنوبه، لان الغرض جواز مغفرة جميع الذنوب لجميع المؤمنين لا الجزم بوقوعها للجميع، وجواز الدعاء بها مبني على جواز وقوعها، لا على الجزم بوقوعها، هذا خلاصة ما أطال به في الحلية.
وحاصله أن ما دل من النصوص على عدم جواز خلف الوعيد مخصوص بغير المؤمنين، أما في حق المؤمنين فهو جائز عقلا، فيجوز لدعاء بشمول المغفرة لهم وإن كان غير واقع للنصوص الصحيحة المصرحة بأنه لا بد من تعذيب طائفة منهم، وجواز الدعاء يبتني على الجواز عقلا، لكن يرد عليه أن ما ثبت بالنصوص الصريحة لا يجوز عدمه شرعا. وقد نقل اللقاني عن الأبي والنووي انعقاد الاجماع على أنه لا بد من نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة، وإذا كان كذلك يكون الدعاء به مثل قولنا: اللهم لا توجب علينا الصوم والصلاة، وأيضا يلزم منه جواز الدعاء بالمغفرة لمن مات كافرا أيضا: إلا أن يقال: إنما جاز الدعاء للمؤمنين بذلك إظهارا لفرط الشفقة على إخوانه، بخلاف الكافرين، وبخلاف لا توجب علينا الصوم لقبح الدعاء لأعداء الله تعالى ورسوله (ص) وإظهار التضجر من الطاعة، فيكون عاصيا بذلك لا كافرا على ما اختاره في البحر، وقال: إنه الحق، وتبعه الشارح، لكنه مبني على جواز العفو عن الشرك عقلا، وعليه يبتني القول بجواز الخلف في الوعيد، وقد علمت أن الصحيح خلافه، فالدعاء به كفر لعدم جوازه عقلا ولا شرعا ولتكذيبه النصوص القطعية، بخلاف الدعاء للمؤمنين كما علمت، فالحق ما في الحلية على الوجه الذي نقلناه عنها، لا على ما نقله ح، فافهم. قوله: (ودعا بالأدعية المذكورة في القرآن والسنة) عدل عن قول الكنز بما يشبه القرآن، لان القرآن معجز لا يشبهه شئ. وأجاب في البحر بأنه أطلق المشابهة لإرادته نفس الدعاء لا قراءة القرآن ا ه. ومفاده أنه لا ينوي القراءة. وفي المعراج أول الباب: وتكره قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد بإجماع الأئمة الأربعة، لقوله عليه الصلاة والسلام نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا رواه مسلم ا ه. تأمل.
هذا، وقد ذكر في الامداد في بحث السنن جملة من الأدعية المأثورة، فيكفي سهولة مراجعتها عن ذكرها هنا.
تتمة: ينبغي أن يدعو في صلاته بدعاء محفوظ، وأما في غيرها فينبغي أن يدعو بما يحضره، ولا يستظهر الدعاء لان حفظه يذهب برقة القلب. هندية عن المحيط. واستظهاره: حفظه عن ظهر