علم تركها في الثلاثة لم يصح، وإن لم يدر شيئا كره، لان بعض ما يجب تركه عندنا يسن فعله عنده فالظاهر أن يفعله وإن علم تركها في الأخيرين فقط ينبغي أن يكره لأنه إذا كره عند احتمال ترك الواجب فعند تحققه بالأولى، وإن علم تركها في الثالث فقط ينبغي أن يقتدي به، لان الجماعة واجبة فتقدم على تركه كراهة التنزيه ا ه. وسبقه إلى نحو ذلك العلامة البيري في رسالته، حيث ادعى أن الانفراد أفضل من الاقتداء به قال: إذ لا ريب أنه يأتي في صلاته بما تجب الإعادة به عندنا أو تستحب، لكن رد عليه ذلك غيره في رسالة أيضا وقد أسمعناك ما يؤيد الرد، نعم نقل الشيخ خير الدين عن الرملي الشافعي أنه مشى على كراهة الاقتداء بالمخالف حيث أمكنه غيره، ومع ذلك هي أفضل من الانفراد، ويحصل له فضل الجماعة، وبه أفتى الرملي الكبير، واعتمده السبكي والأسنوي وغيرهما قال الشيخ خير الدين: والحاصل أن عندهم في ذلك اختلافا، وكل ما كان لهم علة في الاقتداء بنا صحة وفسادا وأفضلية كان لنا مثله عليهم، وقد سمعت ما اعتمده الرملي وأفتى به، والفقير أقول مثل قوله فيما يتعلق باقتداء الحنفي بالشافعي، والفقيه المنصف يسلم ذلك، شعر:
وأنا رملي فقه الحنفي * لا مرا بعد اتفاق العالمين. ا ه ملخصا.
أي لا جدال بعد اتفاق عالمي المذهبين وهما رملي الحنفية: يعني به نفسه، ورملي الشافعية رحمهما الله تعالى، فتحصل أن الاقتداء بالمخالف المراعى في الفرائض أفضل من الانفراد إذا لم يجد غيره، وإلا فالاقتداء بالموافق أفضل.
مطلب: إذا صلى الشافعي قبل الحنفي هل الأفضل الصلاة مع الشافعي أم لا؟
بقي ما إذا تعددت الجماعات في المسجد وسبقت جماعة الشافعية مع حضور نقل ط عن رسالة لابن نجيم أن الأفضل الاقتداء بالشافعي، بل يكره التأخير، لان تكرار الجماعة في مسجد واحد مكروه عندنا على المعتمد، إلا إذا كانت الجماعة الأولى غير أهل ذلك المسجد، أو أديت الجماعة على وجه مكروه، لأنه لا يخلو الحنفي حالة صلاة الشافعي، إما أن يشتغل بالرواتب لينتظر الحنفي وذلك منهي عنه، لقوله (ص) إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وإما أن يجلس وهو مكروه أيضا لاعراضه عن الجماعة من غير كراهة في جماعتهم عن المختار ا ه. ونحوه في حاشية المدني عن الشيخ والده الشيخ محمد أكرم وخاتمة المحققين السيد محمد أمين ميوباد شاه والشيخ إسماعيل الشرواني، فإنهم رجحوا أن الصلاة مع أول جماعة أفضل. قال: وقال الشيخ عبد الله العفيف في فتاواه العفيفية عن الشيخ عبد الرحمن المرشدي: وقد كان شيخنا شيخ الاسلام مفتي بلد الله الحرام الشيخ علي بن جار الله بن ظهيرة الحنفي لا يزال يصلي مع الشافعية عند تقدم جماعتهم، وكنت أقتدي به في الاقتداء بهم ا ه. وخالفهم العلامة الشيخ إبراهيم البيري بناء على كراهة الاقتداء بهم لعدم مراعاتهم في الواجبات والسنن، وأن الانفراد أفضل لو لم يدرك إمام مذهبه. وخالفهم أيضا العلامة الشيخ رحمة الله السندي تلميذ ابن الهمام فقال: الاحتياط في عدم الاقتداء به ولو مراعيا، وكذا العلامة الملة علي القاري فقال بعد ما قدمناه عنه من عدم كراهة الاقتداء بهم: ولو كان لكل مذهب إمام كما في زماننا فالأفضل الاقتداء بالموافق، سواء تقدم أو تأخر على ما استحسنه عامة