اعتقاده والعمل به. قوله: (حتى يكفر) بالبناء للمجهول: أي ينسب إلى الكفر، من أكفره: إذا دعاه كافرا، وأما يكفر من التكفير فغير ثابت هنا وإن كان جائزا لغة كما في المغرب، والأصل حتى يكفر الشارع جاحده، سواء أنكره قولا أو اعتقادا كذا في شرح المنار لابن نجيم. فتال: قوله:
(كأصل مسح الرأس) أي مجردا عن التقدير بربع أو غيره.
مطلب في فرض القطعي والظني قوله: (وقد يطلق الخ) قال في البحر: والظاهر من كلامهم فالأصول والفروع أن الفرض على نوعين: قطعي وظني، هو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفواته، والمقدار في مسح الرأس من قبيل الثاني. وعند الاطلاق ينصرف إلى الأول لكماله. والفارق بين الظني القوي المثبت للفرض، وبين الظني المثبت للواجب اصطلاحا خصوص المقام ا ه.
أقول: بيان ذلك أن الأدلة السمعية أربعة: الأولى قطعي الثبوت والدلالة كنصوص القرآن المفسرة أو المحكمة والسنة المتواترة التي مفهومها قطعي. الثاني قطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة. الثالث عكسه كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي. الرابع ظنيهما كأخبار الآحاد التي مفهومها ظني. فبالأول يثبت الفرض والحرام، وبالثاني والثالث الواجب كراهة التحريم، وبالرابع السنة والمستحب.
ثم إن المجتهد قد يقوى عنده الدليل الظني حتى يصير قريبا عنده من القطعي، فما ثبت به يسميه فرضا عمليا لأنه يعامل معاملة الفرض في وجوب العمل، ويسمى واجبا نظرا إلى ظنية دليله، فهو أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض، بل قد يصل خبر الواحد عنده إلى حد القطعي، ولذا قالوا: إنه إذا كان متلقى بالقبول جاز إثبات الركن به حتى ثبتت ركنية الوقوف بعرفات بقوله (ص): الحج عرفة. وفي التلويح أن استعمال الفرض فيما ثبت بظني. والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض، فلفظ الواجب يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر، وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء، وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها لكن تجب سجدة السهو اه. وتمام تحقيق هذا المقام في فصل المشروعات من حواشينا على شرح المنار، فراجعه فإنك لا تجده في غيرها. قوله: (فلا يكفر جاحده) لما في التلويح من أن الواجب لا يلزم اعتقاد حقيقته لثبوته بدليل ظني، ومبنى الاعتقاد على اليقين، لكن يلزم العمل بموجبه للدلائل الدالة على وجوب اتباع الظن، فجاحده لا يكفر، وتارك العمل به إن كان مؤولا لا يفسق ولا يضلل، لان التأويل في مظانه من سيرة السلف، وإلا فإن كان مستخفا يضلل لأنه رد خبر الواحد، والقياس بدعة، وإن لم يكن مؤولا ولا مستخفا يفسق لخروجه عن الطاعة بترك ما وجب عليه ا ه.
أقول: وما ذكره العلامة الأكمل في العناية من أنا لا نسلم عدم التكفير لجاحد مقدار المسح بلا تأويل لعله مبني على ما ذهب هو إليه كصاحب الهداية من أن الآية مجملة في حق المقدار، وأن حديث المغيرة من مسحه عليه الصلاة والسلام بناصيته التحق بيانا لها فيكون ثابتا بقطعي، لان خبر الواحد إذا التحق بيانا للمجمل كان الحكم بعده مضافا للمجمل لا للبيان. وما رد به في البحر على