البحار) في فصل المياه بعد ما ذكر المسألة: ولنا ما روى مسلم أن ميمونة قالت: اغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة، فجاء النبي (ص) يغتسل، فقلت: إني قد اغتسلت منه، فقال:
الماء ليس عليه جنابة وما روى أحمد منسوخ بهذا ا ه.
أقول: مقتضى النسخ أنه لا يكره تحريما عندنا بل ولا تنزيها، وهو مخالف لما مر عن السراج.
وفيه أن دعوى النسخ تتوقف على العلم بتأخر الناسخ، ولعله مأخوذ من قول ميمونة: إني قد اغتسلت، فإنه يشعر بعلمها بالنهي قبله فيكون الناسخ متأخرا، والله أعلم. وقد صرح الشافعية بالكراهة فينبغي كراهته وإن قلنا بالنسخ مراعاة للخلاف، فقد صرحوا بأنه يطلب مراعاة الخلاف، وقد علمت أنه لا يجوز التطهير به عند أحمد.
تنبيه: ينبغي كراهة التطهير أيضا أخذا مما ذكرنا وإن لم أره لاحد من أئمتنا بماء أو تراب من كل أرض غضب عليهم إلا بئر الناقة بأرض ثمود، فقد صرح الشافعية بكراهته، ولا يباح عند أحمد.
قال في شرح المنتهى الحنبلي: لحديث ابن عمر: إن الناس نزلوا مع رسول الله (ص) على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الله (ص) أن يهريقوا ما استقوا من آبارها ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يسقوا من البئر التي كانت تردها الناقة حديث متفق عليه. قال: وظاهره منع الطهارة به، وبئر الناقة هي البئر الكبيرة التي يردها الحجاج في هذه الأزمنة ا ه. قوله: (والامتخاط) معطوف على إلقاء، وقوله: في الماء متعلق بأحدهما على التنازع.
مطلب: نواقض الوضوء قوله: (وينقضه الخ) النقض في الجسم: فك تأليفه، وفي غيره: إخراجه عن إفادة المقصود منه كاستباحة الصلاة في الوضوء. بحر، وأفاد بقوله: خروج نجس أن الناقض خروجه لا عينه بشرط الخروج، واستظهر في الفتح الثاني بما حاصله أن الطهارة ترتفع بضدها وهي النجاسة القائمة بالخارج، لان الضد هو المؤثر في رفع ضده، وبحث فيه شرح المنية الكبير، فراجعه. قوله: (كل خارج) لعل فائدته التعميم من أول الأمر لئلا يتوهم اختصاص النجس بالمعتاد أو الكثر. تأمل.
قوله: (بالفتح ويكسر) أشار إلى أن الفتح أولى، لقول صدر الشريعة: والرواية النجس بفتح الجيم وهو عين النجاسة، وأما بكسرها فما لا يكون طاهرا، هذا اصطلاح الفقهاء. وأما في اللغة فيقال:
نجس الشئ ينجس فهو نجس ونجس ا ه، فهما لغة ما لا يكون طاهرا: أي سواء كان نجس العين أو عارض النجاسة كالحصارة الخارجة من الدبر، والناقض في الحقيقة النجاسة العارضة لها، فكان الفتح أولى من هذه الجهة أيضا وإن قال في البحر: إنه بالكسر أعم. تأمل، ثم على الفتح يكون بدلا من قوله: خارج لا صفة لأنه اسم جامد، بخلاف المكسور فإنه بمعنى متنجس. تأمل. قوله: (أي من المتوضئ) تفسير للضمير أخذا من المقام والمتوضئ من اتصف بالوضوء، واحترز بالحي عن الميت، فإنه لو خرجت منه نجاسة لم يعد وضوءه بل يغسل موضعها فقط، إذ لو كان الخروج حدثا لكان الموت كذلك إذ هو فوقه: وتمامه في النهر (قوله معتادا) كالبول والغائط، أو لا كالدودة والحصاة، وهذا تعميم لقوله نجس، نبه به على خلاف الامام مالك حيث قيده بالمعتاد، كما نبه بما