أولا ح. قوله: (كما في البحر عن الروضة) أي روضة العلماء للزندوستي حيث قال: أجمعت الأمة على أن الأنبياء أفضل الخليقة، وأن نبينا عليه الصلاة والسلام أفضلهم، وأن أفضل الخلائق بعد الأنبياء: الملائكة الأربعة، وحملة العرش، والروحانيون، ورضوان، ومالك، وأن الصحابة والتابعين والشهداء والصالحين أفضل من سائر الملائكة.
واختلفوا بعد ذلك، فقال الامام: سائر الناس من المسلمين أفضل من سائر الملائكة، وقالا:
سائر الملائكة أفضل ا ه. ملخصا.
مطلب في تفضيل البشر على الملائكة وحاصله أنه قسم البشر إلى ثلاثة أقسام: خواص كالأنبياء، وأوساط كالصالحين من الصحابة وغيرهم، وعوام كباقي الناس. وقسم الملائكة إلى قسمين: خواص كالملائكة المذكورين، وغيرهم كباقي الملائكة. وجعل خواص البشر أفضل من الملائكة خاصهم وعامهم، وبعدهم في الفضل خواص الملائكة، فهم أفضل من باقي البشر أوساطهم وعوامهم، وبعدهم أوساط البشر فهم أفضل ممن عدا خواص الملائكة، وكذلك عوام البشر عند الامام كأوساطهم، فالأفضل عنده خواص البشر، ثم خواص الملك، ثم باقي البشر، وعندهما خواص البشر ثم خواص الملك، ثم أوساط البشر، ثم باقي الملك. قوله: (قلت الخ) حاصله أن القهستاني جعل كلا من البشر والملك قسمين: خواص وأوساط، وجعل خواص البشر أفضل من خواص الملك، وأوساط البشر أفضل من أوساط الملك، ففي كلامه لف ونشر مرتب، وسكت عن عوام البشر للخلاف السابق، وبه ظهر أن هذا غير مخالف لما مر عن الروضة، نعم قوله عند أكثر المشايخ مخالف لما في الروضة من دعوى الاتفاق، وما هنا أولى، إذ المسألة خلافية، وهي ظنية أيضا كما نص عليه في شرح النسفية، بل قال في شرح المنية، وقد روي التوقف في هذه المسألة: أي مسألة تفضيل البشر على الملك عن جماعة منهم أبو حنيفة لعدم القاطع، وتفويض علم ما لم يحصل لنا الجزم بعلمه إلى عالمه أسلم، والله أعلم اه.
مطلب: هل تتغير الحفظة؟
قوله: (وهل تتغير الحفظة؟ قولان) فقيل نعم، لحديث الصحيحين، يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيصعد الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصولون فنقل عياض وغيره عن الجمهور أنهم الحفظة أي الكرام الكاتبون. واستظهر القرطبي أنهم غيرهم، وقيل لا يتغيران ما دام حيا، لحديث أنس أن رسول الله (ص) قال: إن الله تبارك وتعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله. فإذا مات قالا: ربنا قد مات فلان فتأذن لنا فنصعد إلى السماء؟ فيقول الله عز وجل: * (سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحوني) *، فيقولان: فنقيم في الأرض؟ فيقول الله تعالى: * (أرضي مملوءة من خلقي يسبحوني) *، فيقولان: فأين نكون؟ فيقول الله تعالى: * (قوما على قبر عبدي فكبراني وهللاني واذكراني واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة) * وتمامه في الحلية. قوله: (ويفارقه كاتب