صدق العزيمة وعدم الموانع، وقد علمت أن هذا لا ينافي كون هذا الدعاء مجابا قطعا.
مطلب في الدعاء بغير العربية قوله: (وحرم بغيرها) أقول: نقله في النهر عن الامام القرافي المالكي معللا باحتماله على ما ينافي التعظيم. ثم رأيت العلامة اللقاني المالكي نقل في شرحه الكبير على منظومته المسماة جوهرة التوحيد كلام القرافي، وقيد الأعجمية بالمجهولة المدلول أخذا من تعليله بجواز اشتمالها على ما ينافي جلال الربوبية، ثم قال: واحترزنا بذلك عما إذا علم مدلولها، فيجوز استعماله مطلقا في الصلاة وغيرها، لان الله تعالى قال: * (وعلم آدم الأسماء كلها) * (البقرة: 13) * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * (إبراهيم: 4) ا ه. لكن المنقول عندنا الكراهة، فقد قال في غرر الأفكار شرح درر البحار في هذا المحل: وكره الدعاء بالعجمية، لان عمر نهى عن رطانة الأعاجم ا ه. والرطانة كما في القاموس: الكلام بالأعجمية، ورأيت في الولوالجية في بحث التكبير بالفارسية أن التكبير عبادة لله تعالى، والله تعالى لا يحب غير العربية، ولهذا كان الدعاء بالعربية أقرب إلى الإجابة، فلا يقع غيرها من الألسن في الرضا والمحبة لها موقع كلام العرب ا ه. وظاهر التعليل أن الدعاء بغير العربية خلاف الأولى، وأن الكراهة فيه تنزيهية.
هذا، وقد تقدم أول الفصل أن الامام رجع إلى قولهما بعدم جواز الصلاة بالقراءة بالفارسية إلا عند العجز عن العربية.
وأما صحة الشروع بالفارسية وكذا جميع أذكار الصلاة فهي على الخلاف، فعنده تصح الصلاة بها مطلقا خلافا لهما كما حققه الشارح هناك. والظاهر أن الصحة عنده لا تنفي الكراهة، وقد صرحوا بها في الشروع.
وأما صحة الشروع بالفارسية وكذا جميع أذكار الصلاة فهي على الخلاف، فعنده تصح الصلاة بها مطلقا خلافا لهما كما حققه الشارح هناك. والظاهر أن الصحة عنده لا تنفي الكراهة، وقد صرحوا بها في الشروع.
وأما بقية أذكار الصلاة فلم أر من صرح فيها بالكراهة سوى ما تقدم، ولا يبعد أن يكون الدعاء بالفارسية مكروها تحريما في الصلاة وتنزيها خارجها، فليتأمل وليراجع. قوله: (لنفسه وأبويه وأستاذه والمؤمنين) احترز به عما إذا كانوا كفارا فإنه لا يجوز الدعاء لهم بالمغفرة كما يأتي، بخلاف ما لو دعا لهم بالهداية والتوفيق لو كانوا أحياء، وكان ينبغي أن يزيد: ولجميع المؤمنين والمؤمنات، كما فعل في المنية لان السنة التعميم، لقوله تعالى: * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) * (محمد: 91) وللحديث من صلى صلاة لم يدع فيها للمؤمنين والمؤمنات فهي خداج كما في البحر، ولخبر المستغفري ما من دعاء أحب إلى الله من قول العبد: اللهم اغفر لامة محمد مغفرة عامة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم اغفر لي، فقال: ويحك لو عممت لاستجيب لك وفي أخرى أنه ضرب منكب من قال آغفر لي وارحمني، ثم قال له:
عمم في دعائك، فإن بين الدعاء الخاص والعام كما بين السماء والأرض وفي البحر عن الحاوي القدسي: من سنن القعدة الأخيرة الدعاء بما شاء من صلاح الدين والدنيا لنفسه ولوالديه وأستاذه وجميع المؤمنين ا ه. قال: وهو يفيد أنه لو قال: اللهم اغفر لي ولوالدي وأستاذي، لا تفسد مع أن الأستاذ ليس في القرآن، فيقتضي عدم الفساد في اللهم اغفر لزيد. قوله: (ويحرم سؤال العافية مدى الدهر، إلى قوله: والحق) هو أيضا من كلام القرافي المالكي، نقله عنه في النهر، ونقله أيضا