مثل ما استنبطه من المسائل، مع أنه أول من استنبط من الأدلة على الوجه المخصوص المعروف في كتب أصحابه، ولأجل اشتغاله بهذا الأهم لم يظهر حديثه في الخارج، كما أن أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما لما اشتغلا بمصالح المسلمين العامة لم يظهر عنهما من رواية الأحاديث مثل ما ظهر عن صغار الصحابة، وكذلك مالك والشافعي لم يظهر عنهما مثل ما ظهر عمن تفرغ للرواية كأبي زرعه وابن معين لاشتغالهما بذلك الاستنباط. على أن كثرة الرواية بدون دراية ليس فيه كثير مدح بل عقد له ابن عبد البر بابا في ذمه ثم قال: والذي عليه فقهاء جماعة المسلمين وعلمائهم، ذم الاكثار من الحديث بدون تفقه ولا تدبر. وقال ابن شبرمة: أقلل الرواية تتفقه. وقال ابن المبارك: ليكن الذي تعتمد عليه الأثر، وخذ من الرأي ما يفسر لك الحديث.
ومن أعذار أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ما يفيده قوله: لا ينبغي للرجل أن يحدث من الحديث إلا بما يحفظه يوم سمعه إلى يوم يحدث به، فهو لا يروي الرواية إلا لمن حفظ.
وروي الخطيب عن إسرائيل بن يونس أنه قال: نعم الرجل النعمان، ما كان أحفظه لكل حديث فيه فقه وأشد فحصه عنه، وأعلمه بما فيه من الفقه. وتمامه في الخيرات الحسان لابن حجر.
قوله: (وفقه) المراد به ما يعم التوحيد، فإن الفقه كما عرفه الامام معرفة النفس ما لها وما عليها ط.
قوله: (كآيات الزبور) التشبيه في الايضاح والبيان لا في احكام، لان الزبور مواعظ، ويحتمل أنه تشبيه في الزينة، والمعنى أنه زان ما ذكر كما زينت النقوش الطروس ط. قوله: (فما في المشرقين الخ) المشرق محل الشروق: أي الطلوع، والمغرب محل الغروب، وثناهما مع أن كلا منهما واحد كما في قوله تعالى (رب المشرقين ورب المغربين) على إرادة مشرقي الشتاء والصيف ومغربيهما. قاله البيضاوي. وقيل مشرق الشمس والفجر، ومغرب الشمس والشفق، أو مشرق الشمس والقمر ومغربيهما، وجمعا في قوله تعالى: (رب المشارق والمغارب) باعتبار الأقطار أو الأيام أو المنازل.
أفاده ط. قوله: (ولا بكوفة) خصها بالذكر مع أن المراد المشرقين والمغربين وما بينهما بقرينة المقام لأنها بلده، أو لأنها من أعظم بلاد الاسلام يومئذ. قال في القاموس: الكوفة الرملة الحمرة (1) المستديرة، أو كل رملة يخالطها حصباء، ومدينة العراق الكبرى، وقبة الاسلام، ودار هجرة المسلمين، مصرها سعد ابن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، وكانت منزل نوح وبنى مسجدها.
سميت بذلك لاستدارتها واجتماع الناس بها. ويقال لها كوفان ويفتح، وكوفة الجند لأنها اختطت فيها خطط العرب أيام عثمان رضي الله تعالى عنه، خططها السائب بن الأقرع الثقفي الخ. قوله: (يبيت مشمرا الخ) التشمير: الجد والتهيؤ. قاموس. وسهر فعل ماض، والجملة حال على إضمار (قد) مثلها في قوله تعالى (أو جاؤوكم حصرت صدورهم) أو صفة مشبهة والأولى أنسب بقوله:
وصام، ولله متعلق بصام، وخفيه مفعول لأجله، وزاد في تنوير الصحيفة بعد هذا البيت وبيتين وهما