بالنجاسة ولم يفصلوا بين الوضوء والثوب. وفي الهداية ومختصر القدوري: أعادوا صلاة يوم وليلة إذا كانوا توضؤوا منها وغسلوا كل شئ أصابه ماؤها ا ه.
وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان: إن كانت منتفخة أعادوا صلاة ثلاثة أيام ولياليها، وما أصاب الثوب منه في الثلاثة أفسده، وإن عجن منه لم يؤكد خبزه ا ه. ومثله في المنية وشرحها. ثم رأيت بعض محشي صدر الشريعة نقل ما نقلناه وقال: إنه المذكور في أعلام المعتبرات والمشهور في الرواية عن أبي حنيفة ا ه. فقد ظهر أن الصواب عدم الاقتصار عن الحال وبه يزول الاشكال، نعم أشار في الدرر إلى أن ما قاله الزيلعي ملفق من قول الإمام وقولهما حيث قال بعد نقله كلام الزيلعي: يؤيده ما قال في معراج الدراية أن الصباغي كان يفتي بهذا انتهى: أي بهذا التفصيل. قال في البحر: كان الصباغي يفتي بقول أبي ح فيما يتعلق بالصلاة وبقولهما فيما سواه، كذا في معراج الدراية ا ه.
وأقول: لا يخفى أن مقتضى ما أفتى به الصباغي أن تجب إعادة الصلاة ولا يجب غسل الثياب، وهذا عكس ما قاله الزيلعي فأين التأييد؟ نعم يظهر هذا التأييد على ما قال بعضهم: إن حرف الاستثناء في عبارة الزيلعي زائد. أقول: وكذا وجدته ساقطا في نسخة قديمة مصححة، وكذا وجدته في نسختي مضروبا عليه، وقد ظهر بما قررناه أن ما ذكره الشارح من التفصيل تابع فيه الزيلعي، وهو مخالف لما في عامة المعتبرات مع ما فيه من الاشكالات فلا يعول وإن أقره في البحر والمنح، ولهذا لم يعرج عليه في فتح القدير، فاغتنم هذا التحريم الذي هو من منح العليم الخبير.
قوله: (وهذا لو تطهر الخ) الإشارة في عبارة الجوهرة إلى عبارة القدوري التي قدمناها، ثم إن ما ذكره في الجوهرة عزاه إلى شيخه موفق الدين، ثم قال: والمعنى فيه أن الماء صار مشكوكا في طهارته ونجاسته، فإن كانوا محدثين بيقين لم يزل حدثهم بماء مشكوك فيه، وإن كانوا متوضئين لا تبطل صلاتهم بماء مشكوك في نجاسته لان اليقين لا يرتفع بالشك ا ه.
أقول: هذا أيضا مخالف لاطلاق عبارات المعتبرات من لزوم إعادة الصلاة وغسل كل شئ أصابه ماؤها في تلك المدة، فإنه يشمل الإعادة عن حدث وغيره، والغسل لثوب أو بدن من حدث أو نجاسة أو شرب أو غيره. وأيضا يناقضه مسألة العجين، فإنه يلزم عليه أن يكون طاهرا حلالا لكونه كان طاهرا، فلا تزول طهارته بماء مشكوك فيه مع أنه مخالف لما صرحوا به في عامة كتب المذهب، وأيضا فقد رجحوا قول الإمام بحكمه بالنجاسة من يوم أو ثلاثة أيام فإنه الاحتياط في أمر العبادة، ولا يخفى أن هذا التفصيل خلاف الاحتياط، فكان العمل على ما في كتب المذهب أولى.
مطلب مهم في تعريف الاستحسان قوله: (استحسانا) الاستحسان كما قال الكرخي: قطع المسألة عن نظائرها لما هو أقوى، وذلك الأقوى هو دليل يقابل القياس الجلي الذي تسبق إليه أفهام المجتهدين نصا كان أو إجماعا أو