الدعاء، فإن الكريم لا يستجيب بعض الدعاء ويرد بعضه ا ه. ومثله في شرحه لابن ملك وغيره.
وقال الفاسي في شرح الدلائل: قال الشيخ أبو إسحاق الشاطبي في شرح الألفية: الصلاة على رسول الله (ص) مجابة على القطع، فإذا اقترن بها السؤال شفعت بفضل الله تعالى فيه فقبل، وهذا المعنى مذكور عن بعض السلف الصالح.
واستشكل كلامه هذا الشيخ السنوسي وغيره، ولم يجدوا له مستندا وقالوا: وإن لم يكن له قطع فلا مرية في غلبة الظن وقوة الرجاء ا ه.
وذكر في الفصل الأول من دلائل الخيرات: قال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجته فليكثر بالصلاة (1) على النبي (ص) ثم يسأل الله حاجته، وليختم بالصلاة على النبي (ص)، فإن الله يقبل الصلاتين، وهو أكرم من أن يدع ما بينهما ا ه.
مطلب في أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هل ترد أم لا؟
قال الفاسي في شرحه: ومن تمام كلام أبي سليمان عند بعضهم: وكل الأعمال فيها المقبول والمردود إلا الصلاة على النبي (ص) فإنها مقبولة غير مردودة. وروى الباجي عن ابن عباس: إذا دعوت الله عز وجل فاجعل في دعائك الصلاة على النبي (ص) فإن الصلاة عليه مقبولة، والله سبحانه أكرم من أن يقبل بعضا ويرد بعضا، ثم ذكر نحوه عن الشيخ أبي طالب المكي وحجة الاسلام الغزالي. وقال العراقي: لم أجده مرفوعا، وإنما هو موقوف على أبي الدرداء. ومن أراد الزيادة على ذلك فليرجع إلى شرح الدلائل.
والذي يظهر من ذلك أن المراد بقبولها قطعا أنها لا ترد أصلا مع أن كلمة الشهادة قد ترد فلذا استشكله السنوسي وغيره. والذي ينبغي حمل كلام السلف عليه أنه لما كانت الصلاة دعاء والدعاء منه المقبول ومنه المردود، وأن الله تعالى قد يجيب السائل بعين ما دعاه وقد يجيبه بغيره لمقتضى حكمته خرجت الصلاة من عموم الدعاء، لان الله تعالى قال: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) * (الأحزاب: 65) بلفظ المضارع المفيد للاستمرار التجددي مع الافتتاح بالجملة الاسمية المفيدة للتوكيد وابتدائها بأن لزيادة التوكيد، وهذا دليل على أنه سبحانه لا يزال مصليا على رسوله (ص)، ثم أمتن سبحانه على عباده المؤمنين حيث أمرهم بالصلاة أيضا ليحصل لهم بذلك زيادة فضل وشرف، وإلا فالنبي (ص) مستغن بصلاة ربه سبحانه وتعالى عليه، فيكون دعاء المؤمن بطلب الصلاة من ربه تعالى مقبولا قطعا: أي مجابا لاخباره سبحانه وتعالى بأنه يصلي عليه. بخلاف سائر أنواع الدعاء وغيره من العبادات، وليس في هذا ما يقتضي أن المؤمن من يثاب عليها أو لا يثاب، بل معناه أن هذا الطلب والدعاء مقبول غير مردود. وأما الثواب فهو مشروط بعدم العوارض كما قدمناه، فعلم أنه لا إشكال في كلام السلف، وأن له سندا قويا وهو: إخباره تعالى الذي لا ريب فيه، فاغتنم هذا التحرير العظيم الذي هو من فيض الفتاح العليم، ثم رأيت الرحمتي ذكر نحوه. قوله: (فقيد المأمول) أي قيد الثواب الذي يؤمله العبد ويرجوه، وهو هنا محو الذنوب بالقبول: أي المتوقف على