تتمة: ينبغي أن يزاد في المندوبات أن لا يتطهر من ماء أو تراب من أرض مغصوب عليها كآبار ثمود، فقد نص الشافعية على كراهة التطهير منها، بل نص الحنابلة على المنع منه، وظاهره أنه لا يصح عندهم، ومراعاة الخلاف عندنا مطلوبة، وكذا يقال في التطهير بفضل ماء المرأة كما يأتي قريبا في المنهيات، والله أعلم.
مطلب في تعريف المكروه، وأنه قد يطلق على الحرام والمكروه تحريما وتنزيها قوله: (ومكروهه) هو ضد المحبوب، قد يطلق على الحرام كقول القدوري في مختصره: ومن صلى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل صلاة الامام ولا عذر له كره له ذلك. وعلى المكروه تحريما:
وهو ما كان إلى الحرام أقرب، ويسميه محمد حراما ظنيا. وعلى المكروه تنزيها، وهو ما كان تركه أولى من فعله، ويرادف خلاف الأولى كما قدمناه.
وفي البحر: من مكروهات الصلاة المكروه في هذا الباب نوعان: أحدهما ما كره تحريما، وهو المحمل عند إطلاقهم الكراهة كما في زكاة فتح القدير، وذكر أنه في رتبة الواجب لا يثبت إلا بما يثبت به الواجب، يعني بالظني الثبوت. ثانيهما المكروه تنزيها، ومرجعه إلى ما تركه أولى، وكثيرا ما يطلقونه في شرح المنية، فحينئذ إذا ذكروا مكروها فلا بد من النظر في دليله، فإن كان نهيا ظنيا يحكم بكراهة التحريم إلا لصارف للنهي عن التحريم إلى الندب، فإن لم يكن الدليل نهيا بل كان مفيدا للترك الغير الجازم فهي تنزيهية ا ه. قوله (أو غيره) أي غير الوجه من الأعضاء كما في الحاوي، ولعل المصنف اقتصر على الوجه لما له من مزيد الشرف. قوله: (تنزيها) لما قدمنا عن الفتح من أن تركه أدب. قال في الحلية: لأنه يوجب انتضاح الماء المستعمل على ثيابه وتركه أولى، وأيضا هو خلاف التؤدة والوقار، فالنهي عنه نهي أدب ا ه. قوله: (والتقتير) أي بأن يقرب إلى حد الدهن ويكون التقاطر غير ظاهر، بل ينبغي أن يكون ظاهرا ليكون غسلا بيقين في كل مرة من الثلاثة. شرح المنية.
مطلب في الاسراف في الوضوء قوله: (والاسراف) أي بأن يستعمل منه فوق الحاجة الشرعية، لما أخرج ابن ماجة وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن رسول الله (ص) مر بسعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ فقال: نعم وإن كنت على نهر جار حلية. قوله: (ومنه) أي من الاسراف الزيادة على الثلاث: أي في الغسلات مع اعتقاد أن ذلك هو السنة لما قدمناه من أن الصحيح أن النهي محمول على ذلك، فإذا لم يعتقد ذلك وقصد الطمأنينة عند الشك، أو قصد الوضوء على الوضوء بعد الفراغ منه فلا كراهة كما مر تقريره. قوله: (فيه) أي في الماء. قوله:
(تحريما الخ) نقل ذلك في الحلية عن بعض المتأخرين من الشافعية وتبعه عليه في البحر وغيره، وهو مخالف لما قدمناه عن الفتح من عده ترك التقتير والاسراف من المندوبات، ومثله في البدائع وغيرها، لكن قال في الحلية: ذكر الحلواني أنه سنة، وعليه مشى قاضي خان، وهو وجيه ا ه.