مطلب: إذا تعارض التصحيح قوله: (والأصح كما في السراجية) أقول: عبارتها ثم الفتوى على اطلاق على قول أبي حنيفة ثم قول أبي يوسف قول محمد، ثم قول زفر والحسن بن زياد. وقيل: إذا كان أبو حنيفة في جانب وصاحباه في جانب فالمفتي بالخيار، والأول أصح إذا لم يكن المفتي مجتهدا اه. فمقابل الأصح غير مذكور في كلام الشارح، فافهم. قوله: (يقول الإمام) قال عبد الله بن المبارك: لأنه رأي الصحابة وزاحم التابعين في الفتوى، فقوله أشد وأقوى ما لم يكن اختلاف عصر وزمان، كذا في تصحيح العلامة قاسم. قوله: (على اطلاق) أي سواء انفرد وحده في جانب أولا كما يفيده كلام السراجية من مقابلته بالقول الثاني وهو أبو يوسف، فإن لم يوجد له رواية أيضا فيؤخذ بقول الثالث وهو محمد الخ. قوله: (وصحح في الحاوي القدسي قوة المدرك) أي الدليل. به عبر في الحاوي. قال ح: والذي يظهر في التوفيق: أي ما بين في الحاوي وما في السراجية أن من كان له قوة إدراك لقوة المدرك يفتي بالقول القوي المدرك، وإلا فالترتيب اه.
أقول: يدل عليه قول السراجية: والأول أصح إذا لم يكن المفتي مجتهدا، فهو صريح في أن المجتهد، يعني من كان أهلا للنظر في الدليل، يتبع من الأقوال ما كان أقوى دليلا، وإلا فاتبع الترتيب السابق، ومن هذا تراهم قد يرجحون قول بعض أصحابه على قوله، كما رجحوا قول زفر وحده في سبع عشرة مسألة، فنتبع ما رجحوه لأنهم أهل النظر في الدليل، ولم يذكر ما إذا اختلفت الروايات عن الامام أو لم يوجد عنه ولا عن أصحابه رواية أصلا، ففي الأول يؤخذ بأقواها حجة كما في الحاوي. ثم قال: وإذا لم يوجد في الحادثة عن واحد منهم جواب ظاهر وتكلم فيه المشايخ المتأخرون قولا واحدا يؤخذ به، فإن اختلفوا يؤخذ بقول الأكثرين ثم الأكثرين مما اعتمد عليه الكبار المعروفون منهم: كأبي حفص، وأبي جعفر، أبي الليث، والطحاوي وغيرهم ممن يعتمد عليه، وإن لم يوجد منهم جواب البتة نصا ينظر المفتي فيها نظر تأمل وتدبر واجتهاد ليجد فيها ما يقرب إلى الخروج عن العهدة ولا يتكلم فيها جزافا، ويخشى الله تعالى ويراقبه، فإنه أمر عظيم لا يتجاسر عليه إلا كل جاهل شقي اه.
تتمة: قد جعل العلماء الفتوى على قول الإمام الأعظم في العبادات مطلقا وهو الواقع بالاستقرار، ما لم يكن عنه رواية كقول المخالف كما في طهارة الماء المستعمل والتيمم فقط عند عدم غير نبيذ التمر، كذا في شرح المنية الكبير للحلبي في بحث التيمم.
وقد صرحوا بأن الفتوى على القول محمد في جميع مسائل ذوي الأرحام. وفي قضاء الأشباه والنظائر: الفتوى على قول أبي يوسف فيما يتعلق بالقضاء كما في القنية والبزازية اه. أي، لحصول زيادة العلم له به بالتجربة، ولذا رجع أبو حنيفة عن القول بأن الصدقة أفضل من حج التطوع لما حج وعرف مشقته.
وفي شرح البيبري أن الفتوى على قول أبي يوسف أيضا في الشهادات. وعلى قول زفر في