إمامتها لمثله فقط. أما الصبي فمحتمل، ويصح اقتداؤها بالكل، وإن كان خنثى تصح إمامته لأنثى مثله لا لبالغة ولا لذكر أو خنثى مطلقا، ويصح اقتداؤه بالذكر مطلقا فقط، هذا ما ظهر لي أخذا من القواعد، قوله: (ولو في جنازة) بيان للاطلاق الراجع إلى الاقتداء بالصبي.
مطلب: الواجب كفاية هل يسقط بفعل الصبي وحده؟
قال الاسروشني: الصبي إذا أم في صلاة الجنازة ينبغي أن لا يجوز، وهو الظاهر، لأنها من فروض الكفاية، وهو ليس من أهل أداء الفرض، ولكن يشكل برد السلام إذا سلم على قوم فرد صبي جواب السلام ا ه.
أقول: مقتضى تعليله أنه لا يسقط الوجوب عن البالغين بصلاته على الجنازة وحده فضلا عن كونه إماما. وقد ذكر في شرح التحرير أنه لم يقف على هذا في كتب المذهب، وإنما ظاهر أصول المذهب عدم السقوط ا ه: أي لقولهم: إن الصبي ليس من أهل الوجوب.
أقول: ويشكل على ذلك ما مر من مسألة السلام، وتصريحهم بجواز أذان الصبي المراهق بلا كراهة مع أنه قيل بأن الاذان واجب، والمشهور أنه سنة مؤكدة، قريبة من الواجب في لحوق الاثم، وتصريحهم بأنه لو خطب صبي له منشور يوم الجمعة وصلى بالناس بالغ جاز، وتصريحهم بأنه تحل ذبيحته إذا كان يعقل الذبح والتسمية: أي يعلم أنها مأمور بها، وكذا ما صرح به الاسروشني من أن الصبي إذا غسل الميت جاز ا ه: أي يسقط به الوجوب. فسقوط الوجوب بصلاته على الميت أولى لأنها دعاء وهو أقرب للإجابة من المكلفين. ولعل معنى قولهم: إنه ليس من أهل الوجوب، أنه غير مكلف به. ولا ينافي ذلك وقوعه واجبا. وسقوط الوجوب عن المكلفين بفعله، يؤيد ذلك ما صرح به في الفتح من باب المرتد، من أنهم اتفقوا على أن الصبي لو أقر بالشهادة يقع فرضا ويلزمه تجديد إقرار آخر بعد البلوغ حتى على قول من ينفي وجوب الايمان على الصبي، فصار كالمسافر لا تجب الجمعة عليه، ولو صلاها سقط فرضه اه ولا يقال: إن ذلك في الاسلام لأنه لا يتنفل به فلا يقع إلا فرضا، لأنا نقول: المراد إثبات أنه من أهل أداء الفرض، وقد ثبت بذلك فيقال مثله في صلاة الجنازة لأنه لا يتنفل بها أيضا، والاكتفاء بأذانه وخطبته وتسميته ورده السلام دليل على الاكتفاء بصلاته على الجنازة، نعم يشكل ما لو صلى في الوقت ثم بلغ فيه فإنه يعيدها لوقوع الأولى نفلا. وقد يجاب بأنه لما كان المعتبر آخر الوقت وهو فيه بالغ لزمه إعادتها لوجود سبب الوجوب عليه، والوقت الذي صلى فيه ليس سببا للوجوب فكأنه صلى قبل سبب الوجوب في حقه فلم يمكن جعلها فرضا. أما صلاة الجنازة فإن سببها حضورها وهو موجود قبل بلوغه فأمكن وقوعها فرضا منه. تأمل، وهذا كله فيما لا يشترط فيه البلوغ، فلا يرد أنه لو حج يلزمه الحج ثانيا بعد البلوغ، لان حجة الاسلام من شرطها البلوغ والحرية، بخلاف الحج النفل. ومن هذا يظهر أنه لا تصح إمامته في الجنازة أيضا وإن قلنا بصحة صلاته وسقوط الواجب بها عن المكلفين، لان الإمامة للبالغين: من شروط صحتها البلوغ، هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل، فاغتنمه فإنك لا تظفر به في غير هذا الكتاب، والحمد لله الملك الوهاب. قوله: (ونفل على الأصح) قال في الهداية: وفي التراويح والسنن المطلقة جوزه مشايخ بلخ، ولم يجوزه مشايخنا، ومنهم من حقق الخلاف في النفل المطلق بين أبي يوسف ومحمد. والمختار أنه لا يجوز في الصلوات