جماعة، وذلك كما لو صلى ظهرا بمسح ربع الرأس مقلدا للحنفي فليس له أبطالها باعتقاده لزوم مسح الكل مقلدا للمالكي. وإما لو صلى يوما على مذهب وأراد أن يصلى يوما آخر على غيره فلا يمنع منه، على أن في دعوى الاتفاق نظرا، فقد حكي الخلاف، فيجوز اتباع القائل بالجواز، كذا أفاده العلامة الشرنبلالي في العقد الفريد. ثم قال بعد ذكر فروع من أهل المذهب صريحة بالجواز وكلام طويل: فتحصل مما ذكرناه أنه ليس على الانسان التزام مذهب معين، وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدا فيه غير إمامه مستجمعا شروطه ويعمل بأمرين متضادين في حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى، وليس له إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر، لان إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا ينقض. وقال أيضا: إن له التقليد بعد العمل كما إذا صلى ظانا صحتها على مذهبه ثم ثبين بطلانها في مذهبه وصحتها على مذهب غيره فله تقليده، ويجتزي بتلك الصلاة على ما قال في البزازية: إنه روي عن أبي يوسف أنه صلى الجمعة مغتسلا من الحمام ثم أخبر بفأرة ميتة في بئر الحمام فقال: نأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة: إذا بلغ الماء قلتين لم يجعل خبثا اه.
قوله: (وأن الخلاف) أي بين الامام وصاحبيه فيما إذا قضي بغير راية عمدا: هل ينفذ؟ فعنده نعم في أصح الروايتين عنه، وعندهما لا كما في التحرير. وقال شارحه: نص في الهداية والمحيط على أن الفتوى على قولهما بعدم النفاذ في العمد والنسيان، وهو مقدم على ما في الفتاوى الصغرى والخانية من أن الفتوى على قوله، لان المجتهد مأمور بالعمل بمقتضى ظنه إجماعا وهذا خلاف مقتضى ظنه اه.
وقد استشكل بعضهم هذه المسألة، على قول الأصوليين: إن المجتهد إذا اجتهد في واقعة بحكم يمتنع عليه تقليد غيره فيها اتفاقا، والخلاف في تقليده قبل اجتهاده فيها، والأكثر على المنع، على هذا القضاء، نعم وقع في بعض المواضع ذكر الخلاف في الحل ويجب ترجيح رواية عدمه اه.
وحينئذ فلا اشكال، فافهم. قوله: (وأما المقلد الخ) نقله في القنية عن المحيط وغيره، وجزم به المحقق في فتح القدير وتلميذه العلامة قاسم، وادعى في البحر أن المقلد إذا قضى بمذهب غيره أو برواية ضعيفة أو بقول ضعيف نفذ. وأقوى ما تمسك به ما في البزازية عن شرح الطحاوي إذا لم يكن القاضي مجتهدا وقضي بالفتوى ثم تبين أنه على خلاف مذهبه نفذ وليس لغيره نقضه، وله أن ينقضه، كذا عن محمد. وقال الثاني: ليس له أن ينقضه أيضا اه. قال في النهر: وما في الفتح يجب أن يعول عليه في المذهب، وما في البزازية محمول على أنه رواية عنهما، إذ قصارى الامر أن هذا منزل منزلة الناس لمذهبه، وقد مر عنهما في المجتهد أنه لا ينفذ، فالمقلد أولى اه. قوله: (في منشوره) المنشور: ما كان غير مختوم من كتب السلطان. قاموس. قوله: (فكيف بخلاف مذهبه) أي فكيف ينفذ قضاؤه بخلاف مذهبه، لأنه إذا نهاه عن القضاء بالأقوال الضعيفة في مذهبه لا ينفذ قضاؤه فيها، فبخلاف مذهبه بالأولى، ومبنى ذلك على ما قالوا: إن تولية القضاء تتخصص بالزمان