ولما كانت الثانية من المباحث الفقهية حقيقة لان القيام بها من فروض الكفاية وكانت الأولى تابعة لها ومبنية عليها تعرض لشئ من مباحثها هنا، وبسط في علم الكلام وإن لم تكن منه بل من متمماته لظهور اعتقادات فاسدة فيها من أهل البدع كالطعن في الخلفاء الراشدين، ونحو ذلك.
مطلب: شروط الإمامة الكبرى قوله: (فالكبرى استحقاق تصرف عام على الأنام) أي على الخلق، وهو متعلق بتصرف لا باستحقاق، لان المستحق عليهم طاعة الامام لا تصرفه، ولا بعام إذ المتعارف أن يقال عام بكذا لا عليه. وعرفها في المقاصد بأنها رياسة عامة في الدين والدنيا خلافة عن النبي (ص) لتخرج النبوة لكن النبوة في الحقيقة غير داخلة لأنها بعثة بشرع كما يعلم من تعريف النبي، واستحقاق النبي التصرف العام إمامة مترتبة على النبوة، فهي داخلة في التعريف دون ما ترتبت عليه، أعني النبوة، وخرج بقيد العموم مثل القضاء والامارة.
ولما كانت الرياسة عند التحقيق ليست إلا استحقاق التصرف، إذ معنى نصب أهل الحل والعقد للامام ليس إلا إثبات هذا الاستحقاق عبر بالاستحقاق، كذا أفاده العلامة الكمال ابن أبي شريف في شرحه على كتاب المسايرة لشيخه المحقق الكمال ابن الهمام. قوله: (ونصبه) أي الامام المفهوم من المقام. قوله: (أهم الواجبات) أي من أهمها، لتوقف كثير من الواجبات الشرعية عليه، ولذا قال في العقائد النسفية: والمسلمون لا بد لهم من إمام، يقوم بتنفيذ أحكامهم، وإقامة حدودهم، وسد ثغورهم، وتجهيز جيوشهم، وأخذ صدقاتهم، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق، وإقامة الجمع والأعياد، وقبول الشهادات القائمة على الحقوق، وتزويج الصغار والصغائر الذين لا أولياء لهم، وقسمة الغنائم ا ه. قوله: (فلذا قدموه إلخ) فإنه (ص) توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء، أو ليلة الأربعاء أو يوم الأربعاء ح عن المواهب، وهذه السنة باقية إلى الآن، لم يدفن خليفة حتى يولى غيره ط. قوله: (ويشترط كونه مسلما إلخ) أي لان الكافر لا يلي على المسلم، ولان العبد لا ولاية له على نفسه، فكيف تكون له الولاية على غيره؟ والولاية المتعدية فرع للولاية القائمة، ومثله الصبي والمجنون، ولأن النساء أمرن بالقرار في البيوت فكان مبني حالهن على الستر، وإليه أشار النبي (ص) حيث قال: كيف يفلح قوم تملكهم امرأة وقوله قادرا أي على تنفيذ الاحكام وإنصاف المظلوم من الظالم، وسد الثغور، وحماية البيضة وحفظ حدود الاسلام، وجر العساكر، وقوله قرشيا لقوله (ص) الأئمة من قريش وقد سلمت الأنصار الخلافة لقريش بهذا الحديث، وبه يبطل قول الضرارية: إن الإمامة تصلح في غير قريش، والكعبية: إن القرشي أولى بها ا ه، الكل من ح عن شرح عمدة النسفي. قوله: (لا هاشميا إلخ) أي لا يشترط كونه هاشميا: أي من أولاد هاشم بن عبد مناف كما قالت الشيعة نفيا لامامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم، ولا علويا: أي من أولاد علي بن أبي طالب كما قال به بعض الشيعة نفيا لخلافة بني العباس، ولا معصوما كما قالت الإسماعيلية والاثنا عشرية: أي الامامية، كذا في شرح المقاصد، وكان الأولى أن يكرر لا ليظهر أن كل واحد من هذه الثلاثة قول على حدة، فإن عبارته