حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ١ - الصفحة ٥٧٥
مطلب في الكلام على الجهر والمخافتة قوله: (ويخافت المنفرد الخ) أما الامام فقد مر أنه يجهر أداء وقضاء. قوله: (في وقت المخافتة) قيد به لأنه إن قضى في وقت الجهر خير، كما لا يخفى ح. قوله: (بعد طلوع الشمس) لان ما قبلها وقت جهر فيخير فيه، لكن في بعض نسخ الهداية بعد طلوع الفجر. قوله: (كما في الهداية) قال فيها: لان الجهر مختص: إما بالجماعة حتما، أو بالوقت في حق المنفرد على وجه التخيير، ولم يوجد أحدهما. قوله: (لكن تعقبه غير واحد) قال في الخزائن: هذا ما صححه في الهداية ولم يوافق عليه، بل تعقبه في الغاية ونظر فيه في الفتح، وبحث فيه في النهاية، وحرر خسرو أنه ليس بصحيح رواية ولا دراية. وقد اختار شمس الأئمة وفخر الاسلام والامام التمرتاشي وجماعة من المتأخرين أن القضاء كالأداء. قال قاضيخان: هو الصحيح. وفي الذخيرة والكافي والنهر: هو الأصح، وفي الشرنبلالية: إنه الذي ينبغي أن يعول عليه، وذكر وجهه ا ه‍. وأجيب عن استدلال الهداية بمنع الحصر لجواز أن يكون للجهر المخير سبب آخر وهو موافقة الأداء ا ه‍. قوله:
(كمن سبق بركعة من الجمعة الخ) أي أنه إذا قام ليقضيها لا يلزمه المخافتة. بل له أن يجهر فيها ليوافق القضاء الأداء مع أنه قضاها في وقت المخافتة، فعلم أن الجهر لم يختص سببه بالجماعة أو بالوقت، بل له سبب آخر خلافا لما قاله في الهداية، فهذه المسألة دليل لما رجحه الجماعة، وبهذا التقرير ظهر وجه اقتصاره على الجمعة وإن كان الحكم كذلك لو سبق بركعة من العشاء ونحوه، لان المقصود إثبات الجهر في القضاء في وقت المخافتة لا مطلقا، فافهم. قوله: (وأدنى الجهر إسماع غيره الخ) اعلم أنهم اختلفوا في حد وجود القراءة على ثلاثة أقوال:
فشرط الهندواني والفضلي لوجودها: خروج صوت يصل إلى أذنه، وبه قال الشافعي.
وشرط بشر المريسي وأحمد: خروج الصوت من الفم وإن لم يصل إلى أذنه لكن بشرط كونه مسموعا في الجملة حتى لو أدنى أحد صماخه إلى فيه يسمع.
ولم يشترط الكرخي وأبو بكر البلخي السماع، واكتفيا بتصحيح الحروف. واختار شيخ الاسلام وقاضيخان وصاحب المحيط والحلواني قول الهندواني، كذا في معراج الدراية، ونقل في المجتبى عن الهندواني أنه لا يجزيه ما لم تسمع أذناه ومن بقربه، وهذا لا يخالف ما مر عن الهندواني، لان ما كان مسموعا له يكون مسموعا لمن في قربه، كما في الحلية والبحر. ثم إنه اختار في الفتح أن قول الهندواني وبشر متحدان بناء على أن الظاهر سماعه بعد وجود الصوت إذا لم يكن مانع. وذكر في البحر تبعا للحلية أنه خلاف الظاهر بل الأقوال ثلاثة. وأيد العلامة خير الدين الرملي في فتاواه كلام الفتح بما لا مزيد عليه، فارجع إليه. وذكر أن كلا من قولي الهندواني والكرخي مصححان، وأن ما قاله الهندواني أصح وأرجح لاعتماد أكثر علمائنا عليه.
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»
الفهرست