كما أشار إليه في شرح التحرير حيث فرق بينه وبين فرض الكفاية، بأن الثاني متحتم مقصود حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله، بخلاف الأول فإنه منظور بالذات إلى فاعله حيث قصد حصوله من عين مخصوصة، كالمفروض على النبي (ص) دون أمته، أو من كل عين عين: أي واحد واحد من المكلفين ا ه. والظاهر أن الإضافة فيهما من إضافة الاسم إلى صفته: كمسجد الجامع، وحبة الحمقاء: أي فرض متعين: أي ثابت على كل مكلف بعينه، وفرض الكفاية: معناه فرض ذو كفاية:
أي يكتفى بحصوله من أي فاعل كان، تأمل. قوله: (وحفظ جميع القرآن إلخ) أقول: لا مانع من أن يقال: جميع القرآن من حيث هو يسمى فرضا كافيا وإن كان بعضه فرض عين وبعضه واجبا، كما أن حفظ الفاتحة يسمى واجبا وإن كانت الآية منها فرضا: أي يسقط بها الفرض، فافهم.
مطلب: السنة تكون سنة عين وسنة كفاية قوله: (وسنة عين) أي يسن لكل واحد من المكلفين بعينه، وفيه إشارة إلى أن السنة قد تكون سنة عين وسنة كفاية، ومثاله ما قالوا في صلاة التراويح: إنها سنة عين، وصلاتها بجماعة في كل محلة سنة كفاية. قوله: (وتعلم الفقه أفضل منهما) أي من حفظ باقي القرآن بعد قيام البعض به، ومن التنفل، ومراده بالفقه: ما زاد على ما يحتاج إليه في دينه، وإلا فهو فرض عين ح. قوله: (وسورة) أي أقصر سورة أو ما يقوم مقامها من ثلاث آيات قصار. قوله: (ويكره إلخ) أي تحريما، كما أنه يكره نقص شئ من السنة تنزيها كما في شرح الملتقى ط. قوله: (أي حالة قرار أو فرار) أي حالة أمنة أو عجلة، وعبر عن العجلة بالفرار بالفاء لأنها في السفر تكون غالبا من الخوف كما في شرح الشيخ إسماعيل. قوله: (كذا أطلق إلخ) فيه أن عبارة الجامع لم يصرح فيها بقوله مطلقا، وإنما ذكر فيها السفر غير مقيد فيفهم منها الاطلاق كسائر عبارات المتون، وإلا لم يتأت ادعاء تقييدها بما سيأتي من التفصيل، وإنما صرح المصنف بالاطلاق اختيارا لما رجحه شيخه صاحب البحر. قوله:
(ورجحه في البحر إلخ) اعلم أنه ذكر في الهداية أن المسافر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء، ثم قال: وهذا إذا كان على عجلة من السير، فإن كان في أمنة وقرار يقرأ في الفجر، نحو سورة البروج، وانشقت، لأنه لا يمكنه مراعاة السنة مع التخفيف.
ورده في البحر بأنه لا أصل له يعتمد عليه في الرواية والدراية، أما الأول فلان إطلاق المتون تبعا للجامع الصغير يعم حالة الامن أيضا، وأما الثاني فلانه إذا كان على أمن صار كالمقيم، فينبغي أن يراعي السنة والسفر وإن كان مؤثرا في التخفيف، لكن التحديد بقدر سورة البروج لا بد له من دليل، ولم ينقل ا ه. وهو ملخص من الحلية. وأجاب في النهر بما حاصله أن السنة للمقيم في قراءة الفجر أن تكون من طوال المفصل، الركعتين، بل تكون من أربعين إلى مائة كما سيأتي مع ما لنا فيه من البحث، والمسافر إذا كان في أمنة وقرار وإن كان مثل المقيم لكن للسفر تأثير في التخفيف عنه مطلقا، ولذا يجوز له