ودخوله الخلاء مستور الرأس، وعدم التوضؤ بماء مشمس، وأن لا يستخلص إناء لنفسه، وترك النظر للعورة، وإلقاء البصاق والمخاط في الماء، وأن لا ينقصه عن مد، وغسل الفم والأنف باليمنى، وزاد في المنية: الوضوء على الوضوء، وعدم نفخه في الماء حال غسل الوجه، والتشهد عند غسل كل عضو. وزاد في الخزائن: وترك التكلم حال الاستنجاء، وترك استقبال القبلة واستدبارها في الخلاء، واستقبال عين الشمس والقمر واستدبارهما، وترك مس فرجه بعد فراغه، والاستنجاء باليسار، ومسحها بعده على نحو حائط، وغسلها بعد ذلك. ورش الماء على الفرج وعلى السروال بعد الوضوء، والتوضؤ من متوضأ العامة، وإفراغ الماء بيمينه، فقد بلغت نيفا وسبعين كما قدمناه عن الدر المنتقى، وقدمنا أن ترك المندوب مكروه نزيها فيزاد ترك ما يكره فعله.
ولا يخفى أن ما مر منه ما هو من آداب الوضوء ومنه ما هو من آداب مقدماته، وبهذا تزيد على ما ذكر بكثير، فإنه بقي للاستنجاء آداب كثيرة ستأتي. قوله: (ودلك أعضائه) علمت ما فيه، وقوله في المرة الأولى: عزاه في النهر إلى المنية، لكنه لم يذكره في المنية هنا وإنما ذكره في الغسل، وعلله في الشرح بقوله: ليعم الماء البدن في المرتين الأخيرتين ا ه. لكن قال في الحلية: الظاهر أنه قيد اتفاقي. قوله: (وتقديمه الخ) لان فيه انتظار الصلاة، ومنتظر الصلاة كمن هو فيها بالحديث الصحيح، وقطع طمع الشيطان عن تثبيطه عنها. شرح المنية الكبير. وفي الحلية: وعندي أنه من آداب الصلاة لا الوضوء، لأنه مقصود لفعل الصلاة ا ه. قوله: (وهذه) أي مسألة تقديمه على الوقت.
مطلب: الفرض أفضل من النفل إلا في مسائل قوله: (المستثناة من قاعدة الفرض أفضل من النفل) هذا لأصل لا سبيل إلى نقضه بشئ من الصور، لأنا إذا حكمنا على ماهية بأنها خير من ماهية أخرى، كالرجل خير من المرأة لم يمكن أن تفضلها الأخرى بشئ من تلك الحيثية، فإن الرجل إذا فضل المرأة من حيث إنه رجل لم يمكن أن تفضله المرأة من حيث إنها غير الرجل، وإلا تتكاذب القضيتان وهذا بديهي، نعم قد تفضل المرأة رجلا ما من جهة غير الذكورة والأنوثة ا ه حموي.
أقول: فعلى هذا لا استثناء حقيقة لاختلاف جهة الأفضلية.
بيان ذلك أن الوضوء للصلاة قبل الوقت يساوي الواقع بعده من حيث امتثال الامر وسقوط الواجب به، وإنما للأول فضيلة التقديم، وكذا إنظار المعسر واجب دفعا لاذاه بالمطالبة، وفي إبرائه ذلك مع، زيادة إسقاط الدين عنه بالكلية، فللإبراء زيادة فضيلة الاسقاط، وكذلك إفشاء السلام سنة لاظهار التواد بين المسلمين وفي رده ذلك أيضا، لكن وجب الرد لما يلزم على تركه من العداوة والتباغض، فإفشاؤه أفضل من حيث ابتداء المفشي له بإظهار المودة فله فضيلة التقدم. ففي المسائل الثلاث إنما فضل النفل على الفرض، لا من جهة الفرضية بل من جهة أخرى، كصوم المسافر في رمضان فإنه أشق من صوم المقيم فهو أفضل مع أنه سنة، وكالتكبير إلى صلاة الجمعة فإنه أفضل من