فهو مذهبي. وقد حكي ذلك ابن عبد البر عن أبي حنيفة وغيره من الأئمة اه. ونقله أيضا الامام الشعراني عن الأئمة الأربعة ولا يخفي أن ذلك لمن كان أهلا للنظر في النصوص ومعرفة محكمها من منسوخها، فإذا نظر أهل المذهب في الدليل وعملوا به صح نسبته إلى المذهب لكونه صادرا بإذن صاحب المذهب، إذ لا شك أنه لو علم ضعف دليله رجع عنه واتبع الدليل الأقوى، ولذا رد المحقق ابن الهمام على بعض المشايخ حيث أفتوا بقول الإمامين بأنه لا يعدل عن قول الإمام إلا لضعف دليله. قوله:
(وعلم) خبر آخر عن قوله وهذا، أي وهذا القول، علم منه. أي دليل علمه بأن الاختلاف الخ ط.
وفي بعض النسخ: وعلمه بالضمير، وهو المناسب. قوله: (بأن الاختلاف) أي بين المجتهدين في الفروع، لا مطلق الاختلاف.
مطلب في حديث اختلاف أمتي رحمة قوله: (من آثار الرحمة) فإن اختلاف أئمة الهدى توسعة للناس كما في أول التاترخانية، وهذا يشير إلى الحديث المشهور على ألسنة الناس، وهو (اختلاف أمتي رحمة) قال في المقاصد الحسنة:
رواه البيهقي بسند منقطع عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بلفظ: قال رسول الله (ص) (مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به، لا عذر لاحد في تركه. فإن لم يكن في كتاب الله فسنة مني ماضية، فإن لم تكن سنة مني فما قال أصحابي، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيما أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة) وأورده ابن الحاجب في المختصر بلفظ (اختلاف أمتي رحمة للناس)) وقال منلا علي القاري: إن السيوطي قال: أخرجه نصر المقدسي في الحجة، والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سند، ورواه الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم، ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا.
ونقل السيوطي عن عمر بن عبد العزيز أنه كأن يقول: ما سرني لو أن أصحاب محمد (ص) لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة.
وأخرج الخطيب أن هارون الرشيد قال لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله نكتب هذه الكتب:
يعني مؤلفات الامام مالك. ونفرقها في آفاق الاسلام لنحمل عليها الأمة، قال: يا أمير المؤمنين، إن اختلاف العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمة، كل يتبع ما صح عنده، وكلهم على هدى، كل يريد الله تعالى، وتمامه في [كشف الخفاء ومزيل الالباس] لشيخ مشايخنا الشيخ إسماعيل الجراحي.
قوله: (كانت الرحمة أوفر) أي الانعام أزيد ط. قوله: (لما قالوا) باللام، أي، لما رآه العلماء في شأن ذلك، وهو الحديث السابق وغيره، ويحتمل أنها كاف معلقة حرفها النساخ: أي، كما قال العلماء ذلك، ويحتمل أن جملة قوله رسم المفتى مقول القول ومحط التعليل على التخيير في الافتاء بالقولين المصححين. فإن في ذلك رحمة وتوسعة ط.
مطلب: رسم المفتي قوله: (رسم المفتي) أي العلامة التي تدل المفتي على ما يفتي به وهو مبتدأ، وقوله إن الخ