وجوب القومة والجلسة والطمأنينة فيهما كما مر. وأما من حيث الرواية فالأرجح السنية لأنها المصرح بها في مشاهير الكتب، وصرحوا بأنه يكره أن ينقص عن الثلاث وأن الزيادة، مستحبة بعد أن يختم على وتر خمس أو سبع ما لم يكن إماما فلا يطول، وقدمنا في سنن الصلاة عن أصول أبي اليسر أن حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع حصول إثم يسير، وهذا يفيد أن كراهة تركها فوق التنزيه وتحته المكروه تحريما، وبهذا يضعف قول البحر: إن الكراهة هنا للتنزيه لأنه مستحب وإن تبعه الشارح وغيره فتدبر.
تنبيه: السنة في تسبيح الركوع سبحان ربي العظيم، إلا إن كان لا يحسن الظاء فيبدل به الكريم، لئلا يجري على لسانه العزيم فتفسد به الصلاة، كذا في شرح درر البحار، فليحفظ فإن العامة عنه غافلون حيث يأتون بدل الظاء بزاي مفخمة.
مطلب في إطالة الركوع للجائي قوله: (وكره تحريما) لما في البدائع والذخيرة عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة وابن أبي ليلى عن ذلك فكرها. وقال أبو حنيفة: أخشى عليه أمرا عظيما: يعني الشرك، وروى هشام عن محمد أنه كره ذلك أيضا، وكذا روي عن مالك والشافعي في الجديد، وتوهم بعضهم من كلام الامام أنه يصير مشركا فأفتى بإباحة دمه وليس كذلك وإنما أراد الشرك في العمل لان أول الركوع كان لله تعالى وآخره للجائي ولا يكفر، لأنه ما أراد التذلل والعبادة له، وتمامه في الحلية والبحر. قوله:
(إطالة ركوع أو قراءة) وكذا القعود الأخير قبل السلام. وذكر في السراج أن فيه خلافا، وأشار إلى أن الكلام في المصلي، فلو انتظر قبل الصلاة ففي أذان البزازية: لو انتظر الإقامة ليدرك الناس الجماعة يجوز لواحد بعد الاجتماع، لا إلا إذا كان داعرا شريرا ا ه. قوله: (أي إن عرفه) عزاه في شرح المنية إلى أكثر العلماء: أي لان انتظاره حينئذ يكون للتودد إليه لا للتقرب والإعانة على الخير. قوله: (وإلا فلا بأس) أي وإن لم يعرفه فلا بأس به لأنه إعانة على الطاعة، لكن يطول مقدار ما لا يثقل على القوم، بأن يزيد تسبيحة أو تسبيحتين على المعتاد، ولفظة لا بأس تفيد في الغالب أن تركه أفضل. وينبغي أن يكون هنا كذلك، فإن فعل العبادة لأمر فيه شبهة عدم إخلاصها لله تعالى لا شك أن تركه أفضل، لقوله عليه الصلاة والسلام دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ولأنه وإن كان إعانة على إدراك الركعة ففيه إعانة على التكاسب وترك المبادرة والتهيؤ للصلاة قبل حضور وقتها، فالأولى تركه. شرح المنية. قوله: (ولو أراد التقرب إلى الله تعالى) أي خاصة من غير أن يتخالج قلبه سوى التقرب حتى ولا الإعانة على إدراك الركعة، فيكون حينئذ هو الأفضل، لكنه في غاية الندرة.
ويمكن أن يراد بالتقرب الإعانة على إدراك الركعة لما فيه من إعانة عباد الله على طاعته، فيكون الأفضل تركه لما فيه من الشبهة التي ذكرناها. شرح المنية ملخصا.
أقول: قصد الإعانة على إدراك الركعة مطلوب، فقد شرعت إطالة الركعة الأولى في الفجر اتفاقا، وكذا في غيره على الخلاف إعانة للناس على إدراكها لأنه وقت نوم وغفلة كما فهم الصحابة