وان سائر الأصحاب لم يفصلوا هذا التفصيل وأما الإقالة فقال القاضي أبو الطيب وابن الصباغ إنها تقبل الفسخ واختار الروياني والرافعي بناءها على أنها بيع أو فسخ (فان قلنا) إنها بيع أو قلنا بما اختاره القاضي أبو الطيب من جواز فسخها احتمل أن يأتي فيها على الأوجه الثلاثة (وان قلنا) فسخ ولا يقبل الفسخ لم يتجه ذلك فيه وأما بقيه طرق العود من الهبة ونحوها فلا تأتى فيها هذه الأوجه بل تتخرج على المعنيين فقط ولا أظن يأتي فيها قول القاضي في حالة العلم أيضا لعدم العوض وقد سلك الامام والغزالي في بناء المسائل المذكورة غير الذي سلكه المصنف والجمهور فجعلا مأخذ الخلاف في ذلك أن الزائل العائد بجهة أخرى هل هو كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد وفيه جوابان مأخوذان كما يدل عليه كلام الشيخ أبى محمد في السلسلة في باب التفليس من قولين منصوصين للشافعي إذا قال لعبده إذا جاء رأس الشهر فأنت حر ثم باعه ثم اشتراه ثم جاء رأس الشهر ففي العتق قولان وهما يشبهان الخلاف أيضا فيما إذا علق طلاق زوجته بصفة ثم أبانها ثم جدد نكاحها ثم وجدت الصفقة وهذا أصل يخرج عليه مسائل (منها) لو أفلس بالثمن وزال ملكه عن المبيع وعاد هل للبائع الفسخ (ومنها) لو وهب لولده وزال ملك الولد وعاد للأب الرجوع (ومنها) إذا زال ملك المرأة عن الصداق ثم عاد إليها وطلقها زوجها قبل الدخول (ومنها) في هذا الباب إذا زال الثمن عن ملك البائع وعاد ثم رد المشترى المبيع بعيب فهل يتعين لحق المشترى فيه طريقان (إحداهما) تخريجه على الخلاف (والثانية) القطع بأنه كالذي لم يزل لأنه ليس مقصودا بالرد والصحيح من ذلك كله في هذه المسائل أنه كالذي لم يزل إلا الهبة فالصحيح فيها انه كالذي لم يعد (واعلم) أن طريقة المصنف والجمهور في البناء لا اشكال فيها وطريقة الامام المذكورة يحتاج فيها إلى فرق بين هذه الأبواب ثم المسائل المذكورة أعني في عود المبيع بالبيع والهبة والإرث والإقالة ليست على وتيرة واحدة فان الهبة والبيع ملك جديد قطعا والإرث وإن كان جديدا لكنه إذا جعلنا الوارث يبنى على حول الموروث كان ذلك هو الملك الأول والإقالة فسخ فالعائد بها هو الملك الأول وكان ينبغي أن لا يجرى الخلاف فيها لما لو رجع بالرد بالعيب وقد اعتذر بعضهم عن هذا بأنها وإن كانت فسخا فهي تشبهه بالتبيع لأجل التراضي ولهذا يرد على طريقة القاضي أبى الطيب وهو اعتذار حسن ان سلم به ما قاله القاضي أبو الطيب وقد تقدم أن الروياني اختار خلافه وبناها على أنها فسخ أو بيع وطريقة المصنف والجمهور سالمة عن الاعتراض أو تكون المسائل كلها في درجة واحدة لا ترتيب فيها * نعم الإقالة لا بد من الاعتذار المذكور فيها ليفرق بينها وبين الرد بالعيب عند الجميع ثم إن القاعدة المذكورة التي بنى الامام عليها لم يلاحظوها في كل مكان ألا ترى أنه لو باع النصاب في أثناء الحول ثم استرده بسبب جديد لم يقل أحد بأنه كالذي لم يزل حتى تجب الزكاة في ذلك الحول وغير ذلك من المسائل فما الضابط
(٣٠١)