الاكل ناسيا يفطر ولكن ترك القياس بخبر أبي هريرة " أطعمه الله وسقاه " وقبل أبو حنيفة خبر أبي فرارة في جواز التوضي بالنبيذ وخبر زادان في إبطال طهارة المصلى بالقهقهة لأنهما إنما خالفا قياس الأصول ورد خبر التصرية وبيع العرية لأنهما خالفا أصول القياس عنده وصاحب هذه الطريق ينازعه في ذلك ويقول إن ذلك إنما هو مخالف لقياس الأصول كالأول ومن سلك هذه الطريقة يسلم أن الحديث المذكور مخالف لقياس الأصول (ومنهم) من لا يسلم أن مخالفة الأصول أيضا قادحة ويقول أن كل ما ورد النص به فهو أصل بذاته لا يعتبر فيه موافقة الأصول كالدية على العاقلة والغرة في الجنين وغير ذلك وليس إبطال أصل لمخالفته أصولا أخرى بأولى من إبطال تلك الأصول لمخالفتها ذلك الأصل (والصواب) العمل بها جميعا ويعتبر كل أصل بنفسه وصاحب هذه الطريقة يقول إنه لا فرق بين مخالفة قياس الأصول ومخالة الأصول وكلاهما لا يوجب الرد والأحاديث التي ذكروها في النصرية والقهقهة وغيرها سواء في ذلك مع أن خبر التصرية أصح (واعلم) أن الأصول المختلف في رد الخبر بها هي المستنبطة التي تكون في نفسها متحملة (أما) الأصول المقطوع بها فنص الكتاب والتواتر والاجماع أو الأصول التي في معناها كتحريم الضرب المستفاد من تحريم التأفيف فإذا ورد الخبر بخلافه رد ويعتقد أنه لم يصح لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول ما يخالف ذلك هكذا قاله الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني فهذان جوابان إجماليان عن دعوى مخالفة الأصول (ومنهم) من سلك في الجواب عن ذلك طريق التفصيل ويتبين أن ذلك ليس مخالفا لقياس الأصول من الوجوه التي ذكروها بل في الأصول ما يشهد له ويعاضده (أما) غرم القيمة مع إمكان الرد فان رد اللبن في التصرية غير ممكن لوجهين (أحدهما) نقص قيمته وذهاب كثير من منافعه بطول المكث (والثاني) أن لبن التصرية قد خالطه ما حدث في الضرع بعده على ملك المشتري فلم يمكن رده مع الجهل بما خالطه (وعن الثاني والثالث والرابع) وهو غرامة القيمة مع وجود المثل وكونه تمرا وكونه مقدرا مع اختلاف
(٢٣)