وفيه نظر والأقرب الأول لان العتق كيف ما كان فيه أجر والاجر مقصود متوصل إليه بالأموال فعلى طريقة أبى الطيب يكون حكمه حكم القاتل عمدا في غير المحاربة وقد تقدم تفصيله وعلى الطريقة التي قال الرافعي إنها أظهر عند كثير من الأئمة يكون كالمرتد وقد تقدم أيضا وعلى طريقة الشيخ أبى حامد البيع باطل ولا كلام * * قال المصنف رحمه الله تعالى * * (إذا باع عينا بشرط البراءة من العيب ففيه طريقان (أحدهما) وهو قول أبي سعيد الإصطخري إن المسألة على ثلاثة أقوال (أحدها) أنه يبرأ من كل عيب لأنه عيب رضى به المشترى فبرئ منه البائع كما لو أوقفه عليه (والثاني) لا يبرأ من شئ من العيوب لأنه شرط يرتفق به أحد المتبايعين فلم يصح مع الجهالة كالأجل المجهول والرهن المجهول (والثالث) أنه لا يبرأ إلا من عيب واحد وهو العيب الباطن في الحيوان الذي لا يعلم به البائع لا روي سالم أن أباه باع غلاما بثمانمائة بالبراءة من كل آفة فوجد الرجل به عيبا فخاصمه إلى عثمان رضي الله عنه فقال عثمان لابن عمر احلف لقد بعته وما به داء تعلمه فأبى ابن عمر أن يحلف وقبل الغلام فباعه بعد ذلك بألف وخمسمائة فدل على أنه يبرأ مما لم يعلم ولا يبرأ مما علمه قال الشافعي رحمه الله ولان الحيوان يفارق ما سواه لأنه يغتذى بالصحة والسقم وتحول طبائعه وقلما يبرأ من عيب يظهر أو يخفى فدعت الحاجة إلى التبري من العيب الباطن فيه لان لا سبيل إلى معرفته وتوقيف المشترى عليه وهذا المعنى لا يوجد في العيب الظاهر ولا في العيب الباطن في غير الحيوان فلم يجز التبري منه مع الجهالة والطريق الثاني أن المسألة على قول واحد وهو أنه يبرأ من عيب باطن في الحيوان لم يعلم به ولا يبرأ من غيره وتأول هذا القائل ما أشار إليه الشافعي من القولين الآخرين على أنه حكى ذلك عن غيره ولم يختره لنفسه (فان قلنا) إن الشرط باطل فهل يبطل البيع فيه وجهان (أحدهما) لا يبطل البيع ويرد المبيع لحديث عثمان رضي الله عنه فإنه أمضى البيع (والثاني) أنه يبطل البيع لان هذا الشرط يقتضى جزأ من الثمن تركه البائع لأجل الشرط فإذا سقط وجب أن يرد الجزء الذي تركه بسبب الشرط وذلك مجهول والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الجميع مجهولا فيصير الثمن مجهولا ففسد العقد والله أعلم) * *
(٣٥٥)