الاثبات عن الصحابة والتابعين - وأما العلماء فاختلفوا على مذاهب (أحدها) أن يبرأ من كل عيب علمه البائع أو لم يعلمه وهو مذهب أبي حنيفة وأبى ثور كما روى عن ابن عمر وزيد (والثاني والثالث) أنه لا يبرأ من شئ من العيوب واختلفت عبارة هؤلاء فمنهم من يقول حتى يسميه وهو مذهب ابن أبي ليلى وسفيان الثوري والحسن بن حي وداود ونقله ابن المنذر عن ابن أبي ليلى والثوري هكذا مقيدا ونقله غيره عن الحسن بن حي وداود مطلقا وظاهر النقل عن هؤلاء أنه إذا سمى كفى سواء أكان العيب مما يعاين أم لا وهو موافق لما يقوله القاضي حسين من أصحابنا على ما سيأتي (والثالث) أنه لا يبرأ من شئ حتى يضع يده عليه كما تقدم عن شريح وعطاء وهو مذهب أحمد في رواية عنه واسحق ويشبه أن يكون ذلك الاطلاق فيما يمكن كما فصله أصحابنا كما سيأتي لكن قولهم إنه يضع يده إن كان المراد المعاينة فهو قول أصحابنا فيما يمكن رؤيته وان يراد ظاهره من وضع اليد عليه فهو قول آخر وهو بعيد (الرابع والخامس والسادس) أنه لا يبرأ من العيب الباطن الذي لم يعلم به في الحيوان خاصة كقول عثمان وهو مذهب مالك الذي ذكره في الموطأ هنا قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا فمن باع عبدا أو وليدة أو حيوان بالبراءة فقد برئ من كل عيب فيما باع إلا أن يكون علم في ذلك عيبا فإن كان علم عيبا فكتمه لم تنفعه تبرئته وكان ما باع مردودا عليه وهذا القول يخرج منه عند أصحابنا في تحريره ثلاثة أقول كما سيأتي إن شاء الله تعالى (السابع) قول ثان لمالك وقال ابن عبد البر إن مالكا رجع إليه انه لا يبرأ بذلك إلا في الرقيق خاصة فيبرأ ما لم يعلم ولا يبرأ مما علم فكتم وبعضهم قيد ذلك بأن يكون البيع من الفحاش لان الفحاش تشترى لتريح - وأما في سائر الحيوان وغير الحيوان فلا يبرأ به عيب أصلا (والثامن) قول ثالث لمالك وقيل إنه لذي رجع إليه أنه لا ينتفع بالبراءة إلا في ثلاثة أشياء فقط وهو بيع السلط للمغنم أو على مفلس قال بعضهم أو في ديون الميت (والثاني) العيب الخفيف في الرقيق خاصة لكل أحد (والثالث) فيما يصيب الرقيق في عهدة الثلاث خاصة (والتاسع) أن البيع باطل كما هو قول في المذهب خارج من التفريع على القول الثاني ولا أعرفه صريحا عن
(٣٥٧)