تبتاع ثلاثا فيرد عليه دراهمه ويأخذ سلعته) هذا الحديث حسن رواه البيهقي بهذا اللفظ باسناد حسن وكذلك رواه ابن ماجة باسناد حسن وكذا رواه البخاري في تاريخه في ترجمة منقد بن عمرو باسناد صحيح إلى محمد بن إسحاق ومحمد بن إسحاق المذكور في اسناده هو صاحب المغازي والأكثرون وثقوه وإنما عابوا عليه التدليس وقد قال في روايته حدثني نافع والمدلس إذا قال حدثني أو اخبرني أو سمعت ونحوها من الألفاظ المصرحة بالسماع احتج به عند الجماهير وهو مذهب البخاري ومسلم وسائر المحدثين وجمهور من يعتد به وإنما يتركون من حديث المدلس ما قال فيه عنه وقد سبقت هذه المسألة مقررة مرات لكن القطعة التي ذكرها محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلة لان محمد بن يحيى لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر من سمعها منه ولكن مثل هذا المرسل يحتج به الشافعي لأنه يقول إن المرسل إذا اعتضد بمرسل آخر أو بمسند أو بقول بعض الصحابة أو بفتيا عوام أهل العلم احتج به وهذا المرسل قد وجد فيه ذلك لان الأمة مجمعة على جواز شرط الخيار ثلاثة أيام والله أعلم * (وأما) ما وقع في الوسيط وبعض كتب الفقه في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (له واشترط الخيار ثلاثة) أيام فمنكر لا يعرف بهذا اللفظ في كتب الحديث * واعلم أن أقوى ما يحتج به في ثبوت خيار الشرط الاجماع وقد نقلوا فيه الاجماع وهو كاف والحديث المذكور يحتج به لكن في دلالته باللفظ الذي ذكرناه نظر والله أعلم * (اما) الأحكام ففيها مسائل (إحداها) يصح شرط الخيار في البيع بالاجماع إذا كانت مدته معلومة (الثانية) لا يجوز عندنا أكثر من ثلاثة أيام للحديث المذكور ولان الحاجة لا تدعو إلى أكثر من ذلك غالبا وكان مقتضى الدليل منع شرط الخيار لما فيه من العذر وإنما جوز للحاجة فيقتصر فيه على ما تدعوا إليه الحاجة غالبا وهو ثلاثة أيام هذا هو المشهور في المذهب وتظاهرت عليه نصوص الشافعي رحمه الله وقطع به الأصحاب في جميع الطرق وفيه وجه انه يجوز أكثر من ثلاثة أيام إذا كانت مدة معلومة وهو قول ابن المنذر قاله في الاشراف واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم (المؤمنون على شروطهم) والله أعلم * قال أصحابنا فان زاد على ثلاثة أيام ولو لحظة بطل البيع (الثالثة) يجوز شرط الخيار ثلاثة أيام ويجوز دونها إذا كان معلوما كما ذكره المصنف ويجوز أن
(١٩٠)