فهذا باطل بلا خلاف لأنه ليس ببيع لفظي ولا معاطاة ولا يعد بيعا فهو باطل ولنعلم هذا ولنحترز منه ولا نغتر بكثرة من يفعله فان كثيرا من الناس يأخذ الحوائج من البياع مرة بعد مرة من غير مبايعة ولا معاطاة ثم بعد مدة يحاسبه ويعطيه العوض وهذا باطل بلا خلاف لما ذكرناه والله أعلم * (فرع) الرجوع في القليل والكثير والمحقر والنفيس إلى العرف فما عدوه من المحقرات وعدوه بيعا فهو بيع والا فلا * هذا هو المشهور تفريعا على صحة المعاطاة * وحكى الرافعي وجها أن المحقر دون نصاب السرقة وهذا شاذ ضعيف بل الصواب أنه لا يختص بذلك بل يتجاوزه إلى ما يعده أهل العرف بيعا والله أعلم * (فرع) إذا قلنا بالمشهور ان المعاطاة لا يصح بها البيع ففي حكم المأخوذ بها ثلاثة أوجه حكاها المتولي وغيره مجموعة وحكاها متفرقة آخرون (أصحها) عندهم له حكم المقبوض ببيع فاسد فيطالب كل واحد منهما صاحبه بما دفعه إليه إن كان باقيا أو بدله إن كان تالفا ويجب على كل واحد رد ما قبضه إن كان باقيا والا فرد بدله فلو كان الثمن الذي قبضه البائع مثل القيمة فقد قال الغزالي في الاحياء هذا مستحق ظفر بمثل حقه والمالك راض فله تملكه لا محالة وظاهر كلام المتولي وغيره انه يجب ردها مطلقا (والوجه الثاني) ان هذا إباحة لازمة لا يجوز الرجوع فيها قاله القاضي أبو الطيب وحكاه عنه صاحب الشامل قال وأوردت عليه وأجاب فأوردت على جوابه وذكر ذلك كله وحاصله تضعيف هذا الوجه بما ضعفه به هو والمتولي وهو انه لو أتلف أحدهما ما أخذه وبقى مع الآخر ما أخذه لم يكن لمن تلف في يده أن يسترد الباقي في يد صاحبه من غير أن يغرم له بدل ما تلف عنده ولو كان هذا إباحة لكان له الرجوع كما لو أباح كل واحد منهما لصاحبه طعامه وأكل أحدهما دون الآخر فان للآكل أن يرجع عن الإباحة ويسترد طعامه بلا خلاف (والوجه الثالث) ان العوضين يستردان فان تلفا فلا مطالبة لأحدهما ويسقط عنهما الضمان ويتراد منهما بالتراضي السابق وهذا قول الشيخ أبى حامد الأسفرايني وأنكروه عليه وأوردوا عليه سائر العقود الفاسدة فإنه لا يراه فيها وان وجد الرضى قال المتولي ولان إسقاط الحقوق طريقه اللفظ كالعفو عن
(١٦٤)