وأحمد وأبو يوسف والجمهور * وقال أبو حنيفة لا يحرم الربا في دار الحرب بين المسلم وأهل الحرب ولا بين مسلمين لم يهاجرا منها وإذا باع مسلم لحربي في دار الحرب درهما بدرهمين أو أسلم رجلان فيها ولم يهاجرا فتبايعا درهما بدرهمين جاز واحتج له بما روى عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب) ولان أموال أهل الحرب مباحة بغير عقد فالعقد الفاسد أولى * واحتج أصحابنا بعموم القرآن والسنة في تحريم الربا من غير فرق ولان ما كان ربا في دار الاسلام كان ربا محرما في دار الحرب كما لو تبايعه مسلمان مهاجران وكما لو تبايعه مسلم وحربي في دار الاسلام ولان ما حرم في دار الاسلام حرم هناك كالخمر وسائر المعاصي ولأنه عقد على ما لا يجوز في دار الاسلام فلم يصح كالنكاح الفاسد هناك (والجواب) عن حديث مكحول انه مرسل ضعيف فلا حجة فيه ولو صح لتأولناه على أن معناه لا يباح الربا في دار الحرب جمعا بين الأدلة (واما) قولهم إن أموال الحربي مباحة بلا عقد فلا نسلم هذه الدعوى ان دخلها المسلم بأمان فان دخلها بغير أمان فالعلة منتقضة كما إذا دخل الحربي دار الاسلام فبايعه المسلم فيها درهما بدرهمين وانه لا يلزم من كون أموالهم تباح بالاغتنام استباحتها بالعقد الفاسد ولهذا تباح ابضاع نسائهم بالسبي دون العقد الفاسد * * قال المصنف رحمه الله * (والأعيان التي نص على تحريم الربا فيها الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح والدليل عليه ما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والتمر بالتمر والبر والبر والشعير بالشعير والملح بالملح الا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو استزاد فقد أربى (فأما) الذهب والفضة فإنه يحرم فيهما الربا لعلة واحدة وهو أنهما من جنس الأثمان فيحرم الربا فيهما ولا يحرم فيما سواهما من الموزونات والدليل عليه انه لا يجوز أن يكون تحريم الربا لمعني يتعداهما إلى غيرهما من الأموال لأنه لو كان لمعني يتعداهما إلى غيرهما لم يجز اسلامهما فيما سواهما من الأموال لان كل شيئين جمعتهما علة واحدة في الربا لا يجوز اسلام أحدهما في الآخر كالذهب والفضة والحنطة والشعير فلما جاز اسلام الذهب والفضة في الموزونات والمكيلات وغيرهما من الأموال دل على أن العلة فيهما لمعنى لا يتعداهما وهو أنه من جنس الأثمان) * (الشرح) حديث عبادة رضي الله عنه رواه مسلم وأجمع المسلمون على تحريم الربا في هذه الأعيان الستة المنصوص عليها واختلفوا فيما سواها فقال داود الظاهري وسائر أهل الظاهر والشيعة
(٣٩٢)